الأحد، 27 فبراير 2022

صراع الأجيال .. بين الآباء والأبناء ! **************************

Sep 27, 2019 Jan 26, 2022

يُعرّف صراع الأجيال عند علماءِ التربية والاجتماع وعلم النفس؛ أنه الإختلافُ في الرؤى بين الجيلين ، جيل الشباب وجيل الكبار، واضطرابُ العَلاقة بين الآباء والأبناء، وتأزُّمها؛ فالأبناء يتَّهِمون الآباء بأنهم لا يَفهَمون، وأنهم متأخِّرون عن إيقاع العصر، ويَصِفونَهم بالمتزمِّتين والمتشددين ، بينما يتَّهِم الآباءُ الأبناءَ بأنهم لا يَحتَرِمون القِيَم، ولا العادات، ولا التقاليد، وهم قليلو الخبرةِ، ولا يَحتَرِمون آراءَ وخبرة الكبار.

يقول منذر حسني 17 عاماً :»أنا أخفي أموراً كثيرة عن أهلي لأنهم لا يفهمونها ولن يتجاوبوا معها ، فكل شيء يجب أن يكون من إختيارهم وذوقهم ، سواء طعام أو لباس أو نظام حياة ، فهم لا يفهمونني أبداً ولا يفهمون طبيعة الحياة الجديدة التي تختلف عن حياتهم القديمة «. يوضح والد منذر قائلاً :» الجيل الجديد لا يفهم ما نحاول أن نربيهم عليه من عادات وتقاليد ورثناها عن أجدادنا وتربينا عليها ، ويتبعون الحياة الجديدة والحياة الإلكترونية المعاصرة التي لا تجعل منهم سوى أشخاص لا يحترمون رأي الكبار وكل شيء نقوله يعتبرونه خاطئا ولا يأخذ ونه بعين الإعتبار «.

ويرى أخصائي علم الإجتماع الدكتور فيصل الغرايبة أن :» صراع الأجيال ينطوي على تناقض الأراء وتنافر التصرفات بين جيلين ، وهو الأمر الذي ازداد حدة في العصر الحديث سواء في المجتمع الأردني أو العربي أو العالمي ككل ،هذا الصراع الذي ينتج حالة من الإعتراض لدى الصغار من الأبناء والبنات تجاه ما يتصرف به الأباء والأمهات أو ما يطلبونه منهم أو حتى ما يقدمونه لهم من مال أو ألبسة أو أية مقتنيات أخرى خاصة بهؤلاء الأبناء «.

يعترض الأبناء بذوق جديد مخالف على ما لدى الآباء ،ويتفقون مع توجهات وأذواق أبناء الجيل الجديد المعاصر ، ويبررون ذلك بأنهم يعيشون في عصرهم وأن الآباء والأمهات ما زالوا متحجرين أو متقيدين بأفكار قديمة وتصرفات تقليدية عفى عنها الزمن وولت إلى غير رجعة حسب وجهة نظر الأبناء 

 وهم يطالبون في هذه الحالة أن لا يفرض عليهم أي من أنواع الألبسة أو أنماط التصرفات أو تبدي للأراء والأفكار التي يحبذها الأباء والأمهات ، والواقع أن هذا الأمر موجود عبر المجتمعات وعبر الأجيال ولكنه يزداد حدة الآن بحكم اتساع رقعة الإطلاع لدى أبناء الجيل الجديد وانتشار الأنماط الجديدة من التصرفات والمواقف المستجدة حتى ولو كانت خارج مجتمعاتنا وخارج تقاليدنا وأعرافنا وعاداتنا ، حتى أنها لربما تخالف عقيدتتنا وديننا وقواعد سلوكنا ولربما تأتي من اصقاع مختلفة بعيدة كل البعد عن بلادنا ومنطقتنا وثقافتنا بطبيعة الحال» .

 يأتي من طبيعة الأشياء والمستجدات والتطورات التي تحصل في المجتمعات البشرية في مختلف المناطق والأنحاء من هذا المجتمع المعاصر ،ولكننا يمكن أن نقترح وخاصة من خلال وسائل الإعلام والإتصال الجماهيري المختلفة وخاصة الإلكترونية المتطورة منها والتي أصبحت متاحة لأبناء الجيل الجديد وتستقطب نظرهم وإهتمامهم باستمرار، وتلاقي منهم كبير الأثر والتجاوب بأن يرسلوا رسالات قصيرة ولكن عميقة إلى أبناء الجيل الجديد بأن يعملوا على التوفيق بين اتجاهاتهم الشخصية وتقاليد واعراف وعادات مجتمعهم ، وأن يحرصوا على إرضاء الآباء والأمهات ويدركوا بأن كل تصرف من آبائهم ما هو إلى لمصلحتهم ولتحقيق رغباتهم وتلبية إحتياجاتهم ولكن بحرص شديد وبعقلية مختلفة نوع ما عن ما يفكرون به ويتذوقونه ،

وما هي إلا نقطة إلتقاء بين موقف الكبار وموقف الصغار وبشيء من التنازلات من قبل كل طرف منهما حتى يحل التجاوب والتفاهم والرضى من كلا الطرفين ومن قبل كل طرف إتجاه الآخر» .
شكوى الأهل تصب في رفض الأبناء لأسلوب الحياة التي يمارسها الأب والأم من طعام ولباس وألعاب وأماكن الخروج ، حتى رفضهم للبيت الذي يقطنونه ومبرر ذلك هو مجاراة العصر «.

وتبين حرز الله أسباب تمرد الأبناء بأنها:» بداية العولمة التي أصبحت تسيطر على عقول أبنائنا بطريقة سلبية للأسف بحيث يتم عرض الطعام أو اللباس بطريقة مختلفة تماماً عن تقديمه وعرضه عند الأهل لأن التغيير أصبح يحدث بكل سهولة في حياة أبنائنا ، عدا عن حياة الآخرين وسلوكهم الذي أثر على تفكير أبنائنا وأصبح يطبق على شكل سلوك فمثلاً صديقي لديهم بيت مستقل ونحن في شقة قديمة ، أوصديقتي تحمل هاتفا متطورا وأنا لا أحمله ،فهذه المقارنات تؤثر بطريقة واضحة على سلوك أبنائنا ورفضهم لواقع أبائهم «.

فبعض الأبناء يرفضون اللباس الذي يفرض من قبل الأهل وفي هذه الحالة على الأهل الأخذ برأي الأبناء حتى يكون اللباس من اختيارهم فلا يرفضونه، وهذا يؤكد على ضرورة الأخذ بالرأي لأن هذا الأمر يخصه هو ،ووحده من يختار ما يناسبه في حياته ولكن على الأهل وضع حدود للإختيار بحيث يقال له (لك حد معين من النقود لتقوم بالشراء ) ويعرف بأنه لن يختار الأشياء ذات القيمة العالية» .

على الأهل أن يكونوا واقعيين مع أبنائهم بحيث يبرر للأولاد سبب عدم تلبية بعض متطلباتهم لعدم القدرة المادية أو لتعب الأم والأب بالخروج لتلبية المتطلبات ، ويجب أن يكون الأهل نموذجاً أمام أبنائهم بتقبل ما يقدم لهم ومعرفة قيمة الأشياء التي يمتلكونها ، ووضع حدود لتوقعات الأبناء بحيث يتمرد الأبناء على اشياء ذات قيمة عالية وعلى الأهل منذ البداية أن يكونوا حازمين في حدود توقعات ابنائهم التي مجرد التفكير بها تتعب الأهل وعند التطبيق تعتبر مرهقة أكثر وأكثر ، وعلى الأهل أن يكونوا حازمين عند رفض الأبناء للواقع الذي يعيشونه».

الفجوة العمرية أكثر الفجوات التي تؤثر في العلاقة بين الآباء والابناء، بقدر ما يتسع ويبتعد الزمن الذي عاش فيه الآباء عن زمن الأبناء كلما زادت هذه الفجوة واتسعت، حيث لكل زمان عاداته وتقاليده وأفكاره والتي تختلف كلياً وجزئياً عن أي زمان آخر وبالتالي تضيق مساحة الالتقاء الفكري والثقافي واللغوي.

*

صراع الأجيال.. هل يحصد الفلاح ما يزرعه؟


"لا تُكرِهوا أولادكم على آثاركم، فإنّهم خُلِقوا لزمان غير زمانكم"

هوّة كبيرة تفصل بين الآباء وأبنائهم
 السّتينيّات من القرن الفارط في الولايات المتّحدة الأمريكيّة مع تقدّم الاقتصاد والتّكنولوجيا التي أخذت تزحف دون تراجع لتصبح ظاهرة عالميّة لا مناصّ منها.

يرى الكبار أنّ الأجيال الجديدة والفتيّة تمثّل الانحلال الأخلاقيّ بكلّ معاييره، كما أنّهم يرونها أجيالا كسولة لا تصلح لشيء

لا يمكننا أن نطلب ممن تعوّد على غسل ملابسه في الغسّالة الكهربائيّة أن يتخلّى عنها ويستبدلها بيديه كما كان يفعل أجداده. عندما يفتح الفرد عينه ويجد نفسه في وسط ما، فإنّه يُبَرمج عليه وليس من السّهل أبدا أن يتعوّد على غيره. إنّه عصر السّرعة ولا يسعنا سوى التّأقلم معه، هذا هو الواقع سواء شئنا أم أبينا.

إنّ شبابنا مليء بالطّاقة التي يحتاج إلى تفريغها فيما ينفعه ومن حوله. شباب اليوم في جعبته الكثير من الأفكار والإبداع والذكاء

 تعاني المجتمعات العربيّة من عقدة السّن! يكبر الطّفل العربي وقد اقتنع تماما بأنّه أقلّ شأنا ممن يكبرونه سنّا، لذلك لا يسمح للشّباب بتقلّد مناصب سياسية مهمّة مثلا، بذريعة أنّهم لا يتمتّعون بالخبرة الكافية بحكم سنّهم الصّغير. فقدَ الشّاب العربيّ ثقته بنفسه وبقدراته، لذلك غالبا ما يدخل في دوّامة من الكسل واللامبالاة (بما أنني صغير وعديم الفائدة، فلأدع للكبار فعل كلّ شيء إذن وأخلي عاتقي من المسؤوليات التي يظنون أنني لست كفؤا لها). يحتاج شبابنا إلى الدّعم والتّشجيع ليبلغ النّجاح والتّفوّق، بدلا من النّقد الهدّام الذي يقوده من سيء إلى أسوأ.

يجب أن تكون العلاقة بين الأجيال علاقة تكامليّة لا عدائيّة. التّواصل والحوار يلعبان دورا فعّلا في التّقريب بين مختلف الشّرائح العمريّة، وسدّ الفجوة التي تأخذ في التّوسّع بمرور الزّمن

في الجانب الآخر، يتّهم الشّباب من يكبرهم سنّا بالتّخلّف والرّجعية. وهذا أيضا مفهوم خاطئ! لا يمكننا لوم آبائنا وأجدادنا على تعوّدهم على أسلوب حياة ليس مشابها للذي تعودّنا عليه نحن! من غير المنصف في حقّهم أن نطالبهم بالتّجرّد من ذاكرتهم وهويّتهم لكي ينضمّوا إلى عالمنا، فمن شبّ على شيء شاب عليه وليس لنا الحقّ في الحكم عليهم دون أن نحاول حتّى فهمهم.

*


 مع انتشار وتوسع التكنولوجيا، وتعدد الأجهزة في المنزل، بل لدى الشخص الواحد، أصبح المجال يسمح أكثر بتكوين شخصيات مستقلة ومختلفة في الاتجاهات والأفكار، بعكس الزمن القديم الذي كان الكل يستمع إلى إعلام واحد، وجهاز واحد، وفي المكان ذاته.

وتزيد هذه التطورات التقنية من ظاهرة التصادم بين الأجيال المختلفة، جيل تأقلم على الألفة والتشابه بين جميع أفراد المجتمع، وجيل آخر، كل عقل له مصادره التي يتغذى منها بالمعرفة، يعشق الاختلاف ويرفض أن يكون جزءًا من الكتلة والغالبية.

يكفيني أن أجد رفقة لأخرج، ومن دون تحديد أو رسم خط سير كما يرغب الآباء ، وإلا كيف سأحصل على الخبرة في هذه الحياة".

فاختيار شريك الحياة، ليس بالأمر الذي يحتمل أن يفرضه الوالدين على أي من أبنائهم، أو يقفان أمام اختيارهم".

*

ما الفائدة من جعل أبنائنا كأصدقاء لنا،ويأتى الرد هنا أننا إذا تمكنا من كسب أبنائنا كأصدقاء، فنستطيع أن نتعرف على طريقة تفكيرهم، ونستطيع أن نجعلهم يثقون بنا، وعندما تحدث لهم مشكلة، أو يرتكبون خطأ ما، فنكون نحن كأباء وأمهات أول من يعلم ، وبذلك نستطيع أن نوجه لهم النصيحة المناسبة.

مجالات التربية الحديثة، عدم توجيه الإيذاء النفسى أو الجسدى لأبنائنا، فكثيراً ما أجد أباء وأمهات يتعاملون مع أبنائهم من منطلق إذا ضربنا أبنائنا فنحن بذلك نعلمهم أن لا يكرروا الخطأ مرة أخرى، أو إذا قمنا بتعنيف أبناءنا وتوجيه الإيذاء النفسي لهم، فسوف ندفعهم للمضى للأمام من أجل تحقيق الأفضل، ولكن اسمحوا لى أن أنقل إليكم حقيقة صادمة ألا وهى إذا فعلنا ذلك مع أبنائنا، فبالطبع لا ندفعهم للأمام بل نجعلهم يرجعون ألاف الخطوات للخلف، وفى السطور المقبلة سوف نعرف لماذا؟ لأننا إذا قمنا بضرب أبناءنا فسوف ينفذون ما نطلبه منهم أمامنا فقط، والسبب فى ذلك يرجع إلى أمرين الأول أن الطفل عندما تقوم بضربه فهو يخشي العقاب، فينفذ ما تطلبه أمامك فقط ثم يعود من خلفك، وينفذ ما يريده هو لا ما تريده أنت، أما الأمر الثانى لاتسام الطفل بالطابع العنيد وقد يقنعك طفلك بأنه مقتنع برأيك حتى لا يدخل معك فى صِدام، ثم ينفذ ما يريده، أم إذا قمنا بتعنيف أبنائنا من الناحية النفسية، فسوف نجعل الطفل ضعيف الشخصية لا يتسم بالثقة فى نفسه.

 نحن نحبكم كثيراً،  ولا نسعى لأى صراعات بيننا، ولكننا نود أن تسمحوا لنا بالتعبير عن ما يدور بداخلنا وتمهلوا لنا الوقت حتى نتناقش، وبالطبع سوف نصل إلى حل مناسب، يربط أفكارنا بأفكاركم ولا تحدث بيننا ما تسمى بالفجوة أو صراع الأجيال .


*

 التواصل كارثة

 أمام جيل صعب المراس، نعانى من مشكلة حقيقية سببها الفجوة الكبيرة التى خلقتها أزمة التواصل بين الأجيال، الاحترام المفقود والجدل الدائر بين القديم والحديث، لن أبالغ لو قلت إنها معاناة كل بيت، هوة سحيقة تفصل بين أواصر الترابط والتواصل بين الأهل والأبناء، 

 الانفتاح على عالم منفتح على كافة الثقافات والمعلومات؟ فأثرت على المفاهيم لدى الشباب وقلبتها رأساً على عقب؟!. هل انعدام الثقة والأمل فى المستقبل هو السبب؟ هل تغيّر مفاهيم الأخلاق وممارسة الحرية المنفلتة أديا لفقدان السيطرة؟ فأصبح الشباب بلا كوابح ولا ضوابط تقنن سلوكه؟

الشباب المتمرد على كل شىء، الناقم على كل شىء، الذين جنحوا نحو أفكار غريبة دون رقيب، عندما تناقش شاباً يافعاً مكتمل الوعى والذكاء والتعليم الرفيع، تجده يستحق الشفقة لأنه فى النهاية يعبر عن جيل ضائع بين ما يتلقاه من معلومات مخترقة ومضللة، تلعب بالعقول بالمنطق والحجة من خلال الشبكة العنكبوتية التى حولت العالم إلى قرية صغيرة، هذا العالم السيبرانى الملعون، دخل غرف نومنا وأرّق مضاجعنا ولعب بأفكار شباب يتشكل، فأنجبت المتطرف دينياً والملحد والمشوّش والضائع بين نقيضين!! سممت أفكار جيل ما زال يتلمس خطاه وأقنعته بأنها الحقيقة، لا يوجد يقين ولا ثوابت يتكئ عليها ضعاف النفوس فتربأ بهم من الوقوع فى جب الهاوية، تتلقفه أيدى الإرهاب من ناحية، ومن ناحية أخرى تغزوه غربة النفس حينها لا يستطيع التمييز بين ذاته التى شكلتها قيم وأخلاق غرستها أسرته فى تربيته منذ الصغر، وبين العالم الخارجى والفضاء الإلكترونى الذى يبث سمومه ويقنعه ويؤثر على تفكيره، يتوه فيما يتلقاه بإحكام خبيث ومنطق لا يمكن رفضه لأنه يخاطب ميوله الفكرية ويعرف كيف يستميلها، فيفقد البوصلة ويتوهم خاطئاً أنه وصل إلى مبتغاه، وفى واقع الأمر أنه بدأ طريق الضياع، طالما التخبط أصبح منهجاً لحياته، لأنه لا يستند على أرض صلبة وقودها المعرفة والاطلاع على ثقافات أخرى والقراءة فى مجالات عديدة سياسة واقتصاد وعلوم وصحة وفلسفات غيرت مسار التاريخ.

*

لماذا لا يحقق معظم أبناء جيل الألفية أهدافهم الرئيسية في 

الحياة؟

Mar 25, 2021

 لكل مجتمع من المجتمعات أهداف مهمة في الحياة، يرتبط تحقيقها عادة بإطار زمني محدد. إذ تعطي المجتمعات الغربية، على سبيل المثال، الأولوية للتخرج من الجامعة في سن 22 عاما، والزواج في سن 30 والإنجاب وشراء منزل قبل بلوغ 35 عاما. وقد نقيس النجاح بعدد الأهداف التي تمكننا من تحقيقها في السن المحددة، ونخشى من أن يصبح الإخفاق في تحقيق أحدها مؤشرا على الفشل في الحياة أو المستقبل المهني.

غموض الأعراف الاجتماعية

يتعلم البشر من الآخرين منذ اللحظة التي يخرجون فيها من أرحام أمهاتهم، فنحن نكتسب اللغة التي يتحدثها الناس من حولنا ونتعلم القواعد والأعراف التي يضعها المجتمع، والسلوكيات المباحة والمقبولة وغير المقبولة.

"نحن مجبولون على تعلم الأعراف والتقيد بها. وفي معظم الأحيان، نتصرف حسب توقعات المجتمع".

الأعراف هي محصلة لتفكير ملايين الناس وقراراتهم ومحادثاتهم ومشاوراتهم، ولا يضعها أو يتحكم فيها شخص واحد".

يؤدي الآباء والأمهات والعائلة دورا مهما في التأثير على الأبناء، ولا سيما فيما يتعلق بالتوقيت المتوقع للزواج والإنجاب. ففي المجتمعات الغربية على سبيل المثال، تزوج معظم أبناء جيل طفرة المواليد (المولودون بين عامي 1946 و1964) في العشرينيات من العمر، ثم اشتروا منازلهم وأنجبوا أطفالا بعدها مباشرة. ونقلوا هذه التوقعات وهذا الإطار الزمني إلى أطفالهم من أبناء جيل الألفية.

أبناء جيل الألفية يتزوجون في سن متأخرة بنحو سبع سنوات مقارنة بالجيل الذي يسبقهم أو لا يتزوجون إطلاقا. وتأخر سن الإنجاب على مدى السنوات الأربعين الماضية، فالنساء من جيل الألفية ينجبن أطفالهن في سن 29 فما فوق. وبالمثل، تراجع معدل اقتناء المنازل بين أبناء جيل الألفية بنسبة ثمانية في المئة مقارنة بأبناء الجيلين السابقين.

تشير إحصائيات إلى أن أبناء جيل الألفية نالوا حظا أوفر من التعليم مقارنة بالأجيال التي تسبقهم، إذ يحمل الآن 40 في المئة من الأمريكيين شهادة جامعية مقارنة بربع أبناء الجيل الذي يسبقهم، وقد انعكس ذلك على الانخراط في سوق العمل في سن متأخرة وكذلك تأجيل الادخار لشراء منازل.

 "لقد ازداد حرصنا على التعلم والتدرب أكثر من أي وقت مضى، ولهذا تراجعت فرص تحقيق الاستقلال الذاتي في سن 19 أو 20 عاما". وفي ظل ارتفاع أسعار المنازل والالتزام بدفع أقساط ديون التعليم الجامعي، لم يعد بمقدور معظم أبناء جيل الألفية شراء منازل.

 "كانت النساء يواجهن ضغوطا من أجل العثور على الرجل المناسب والزواج، لأن هذا كان هدفهن الوحيد في الحياة". لكن الآن، أصبح من الشائع أن تواصل النساء تعليمهن ويترقين في السلم الوظيفي. بل أشارت دراسة إلى أن النساء يشكلن أكثر من نصف خريجي الجامعات منذ منتصف التسعينيات.

 النساء اللائي حصلن على شهادات جامعية يؤخرن الإنجاب سبع سنوات في المتوسط مقارنة بنظرائهن اللائي لم يتلقين تعليما جامعيا، وأن تأخير الإنجاب يرتبط بالمستوى التعليمي، أكثر من ارتباطه بعوامل أخرى، مثل أسعار المنازل.

كان للتطورات العلمية والتكنولوجية أيضا تأثير كبير على التوقيت المتوقع لتحقيق الأهداف الكبرى في الحياة. فقد أتاحت وسائل منع الحمل للنساء إقامة علاقات جنسية قبل أن يخططن للزواج أو الإنجاب. ويقول آرنت: "لقد منحت هذه الوسائل للناس قدرا أكبر من الحرية في الاختيار ما بين الزواج أو الإنجاب دون زواج"، مشيرا إلى أنه لم يكن باستطاعة الناس قبل النصف الثاني من القرن العشرين إقامة علاقات جنسية قبل الزواج بسنوات كما هي الحال الآن.

سطوة الحتميات الاجتماعية

لا تزال الأجيال الجديدة تعاني ضغوطا نفسية، في وقت تبذل فيه جهودا حثيثة لتلبية توقعات الآباء والأجداد بشأن معايير النجاح، حتى لو كانت هذه التوقعات لم تعد تصلح للعصر الحالي.

أشار استطلاع للرأي إلى أن البالغين الذين يتجاوزون 25 عاما لا يزالون يخططون للزواج والإنجاب وشراء منزل قبل بلوغ 30 عاما، رغم أن عدد الأشخاص الذين يمكنهم في الواقع تحقيق هذه الأهداف يتراجع من جيل لآخر.

هذه الفجوة بين الأهداف التي تتطلع الأجيال الجديدة لتحقيقها وبين الأهداف الممكنة في ظل المناخ المادي والتعليمي الحالي، تؤثر بشدة على الصحة النفسية. وكتب معدو الدراسة: "إن التفاوت بين تطلعات الناس وبين إمكانياتهم ينبئ بتردي الصحة النفسية ومستوى الرضا عن الحياة".

أشار الباحثون أيضا إلى أن العجز عن تحقيق الأهداف الكبرى ضمن الإطار الزمني الذي نضعه لأنفسنا قد يكون أحد أسباب ارتفاع معدل الموت يأسا، سواء عن طريق الانتحار أو تناول جرعة زائدة من المخدرات، بسبب فقدان الوظائف والمشهد الاقتصادي القاتم.

يعد شراء منزل أحد الأهداف الكبرى التي يتطلع الكثيرون لتحقيقها، لكن هذا الهدف في نظر الأجيال الأصغر سنا أصبح عزيز المنال بسبب العوامل الاقتصادية

"سطوة الحتميات". وتذكّر المرضى الذي يشكون من الضغوط النفسية بسبب هاجس تحقيق تطلعاتهم، بأن هناك الكثيرين غيرهم تطاردهم هذه الأوهام بأنهم لم يتمكنوا من تلبية توقعات المجتمع.

 الناس يعمدون عادة إلى التعميم والمبالغة، فقد يقول البعض "إن الجميع متزوجون" أو "الجميع أكثر ثراء مني". وتصف ذلك بأنه خطأ في التفكير، وتقول إن بعض الناس فقط أكثر منك ثراء وبعضهم فقط يتزوجون.

تحذّر من أن تحقيق هذه الأهداف، سواء الحصول على وظيفة ذات راتب مجز أو شراء منزل رائع، قد لا يجلب لك السعادة. وتقول إن العبرة بأن تجد ما يناسبك أنت. وتنصح بأن تختلي بنفسك لبعض الوقت وتحاول الفصل بين الأهداف التي تريدها حقا وبين تلك التي تشعر أن والديك وعائلتك يتوقعون أن تحققها.

تقول هودسون: "حاول أن تفهم الدوافع الحقيقية التي تحركك. فهل ترغب حقا في الالتحاق بالجامعة أم أنك تلبي فقط رغبة أبيك وأمك بدخولها؟"

ى أهمية التركيز على الأهداف التي تدخل السرور إلى نفسك، لا الأهداف التي تلبي توقعات الآباء والمجتمع.

وعندما كان سينغ في منتصف العشرينيات، استبد به اليأس لسنوات خوفا من عدم مسايرة أقرانه، لكنه سرعان ما ازداد إصرارا على تحقيق أهدافه. ويقول: "لم أكن قد عثرت بعد على شريكة حياتي، وتقبلت الأمر، وقررت أن أكرس وقتي للعمل وأحقق تطلعاتي المهنية". ولأن الكثيرين من أصدقائه كانوا يدرسون مثله ويحاولون الحصول على شهادات مهنية، فلم يشعر بأن الدراسة لسنوات أطول من المعتاد تعطله عن تحقيق أهدافه الأخرى، مثل شراء منزل أو الإنجاب.

لكنه لا ينكر أنه لولا العثور على شريكة حياته والمضي في الطريق الذي رسمه لنفسه، لما كان الآن يشعر بالثقة وراحة البال.

 الغالبية العظمى من الأمريكيين يرون أن إكمال الدراسة والحصول على وظيفة أكثر أهمية من الزواج والإنجاب.

أصبح السكن في منزل الأب والأم بعد إنهاء الدراسة أكثر شيوعا في الوقت الراهن ولم يعد مدعاة للسخرية أو الانتقاد، وزاد الاهتمام بالتعليم والأمان المالي. ولهذا فإذا كنت تظن أن هذه التوقعات الاجتماعية راسخة ولا تتغير، فأنت مخطئ، فإنها تتغير في الواقع طوال الوقت، حتى لو كنت تعتقد العكس.

Oct 30, 2021

للكاتب المصري عمار علي حسن تحت عنوان “السلفي”،

وتحكي الرواية مأساة أب منفتح يحاول استعادة ابنه المغرر به من قبل الجماعات السلفية الجهادية. ويعرض فيها الكاتب نزالا شيقا بين الإسلام الوسطي المنفتح والإسلام الأصولي المتزمت.

خيبة أمل في جيل كنا نظنه حاملا لمشعل المستقبل بحكم اطلاعه وتمكنه من الثورة الرقمية، لكن ما حصل هو أنه أمسك بمفاتيحها ووضعها بصورة عكسية فلعب هذا الاطلاع دورا عكسيا، وتسبب الانفتاح التكنولوجي في انغلاق اجتماعي وثقافي وحضاري.

كانت المواضيع والقضايا المثارة في ستينات وسبعينات القرن الماضي هي استحالة العيش في جلباب الأب، والإقدام على خوض مغامرة الانفتاح ومواكبة العصر بكل مخاطر التنكر للهوية والجذور، أما اليوم فالحالة صارت عكسية تماما.

تفتح صفحات الأجيال الجديدة على الإنترنت فتجدها تعج بالغيبيات والماورائيات إلى جانب التدوينات المحرضة على العنف والكراهية، بالإضافة إلى دورها الاستقطابي والتجنيدي في صفوف الجماعات المتطرفة.

والمفارقة الأغرب أنك تفتح صفحات جيل الآباء على مواقع التواصل الاجتماعي فتجد أغلبها ينضح موسيقى راقية 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق