Jun 5, 2020
Jun 1, 2021
سينغرس العقد الأخير منذ العام 2010 في أذهان كثيرين، بكونه عصرًا جديدًا في تطوير الرأسمالية على نطاق واسع جداً. ينتهي هذا العقد مع تحوّل "آبل" و"أمازون" و"مايكروسوفت" إلى أول شركاتٍ في التاريخ تفوق قيمتها السوقية التريليون دولار.
وخلال العام الماضي فقط، بلغت إيرادات "آبل" مقداراً يفوق إجمالي الناتج المحلي في فييتنام، في حين أنَّ إنفاق "أمازون" على البحث والتطوير وحده كاد يتعادل مع الناتج المحلي الإجمالي لأيسلندا. ويضم موقع "فيسبوك" اليوم نحو 2.4 مليار مستخدم، وهو عدد يفوق تعداد سكان كل قارة في العالم، باستثناء آسيا.
فهي تسيطر على الأسواق وتسحق المنافسة، فمثلاً، تسيطر "غوغل" و"فيسبوك" على 60 في المئة من الإعلانات الرقمية (على الإنترنت)، كما أنَّ "أمازون" تحصل على أربعة دولارات من كل 10 دولارات تُصرف على الإنترنت في الولايات المتحدة. وإذا ما أبدت شركة تكنولوجية أخرى نتائج واعدة، فإن أحد عمالقة التكنولوجيا المذكورة أعلاه ستستحوذ عليها بكل بساطة (أو تسحقها).
"رأسمالية المراقبة"، محذرة من المخاطر التي تشكّلها البيانات على الديمقراطية والحرية.
شيء مريب في "وادي السيلكون" أيضًا. وادَّعى الباحثان في "القانون الرقمي" لورانس ليسيج وجوناثان زيترين أن علينا أن نتصارع مع من سيحكم الفضاء الإلكتروني وكيف سيحكمه. وخشي البروفيسور سيفا فيديانياثان من "غوغلة كل شيء" (أي أن تستحوذ "غوغل" على جميع جوانب حياتنا). وانتقد إيفجيني موروزوف "وهم الشبكة"، أي الفكرة الساذجة بأن الإنترنت سيحرر العالم. وخلال اكتتاب "فيسبوك" في العام 2012، كتب مديرها التنفيذي ومؤسسها مارك زوكربيرغ: "نأمل تغيير كيفية ارتباط الناس بحكوماتهم ومؤسساتهم الاجتماعية". وكان ينبغي عليه أن يكون أكثر حذرًا تجاه آماله.
لقد تحركت عمالقة التكنولوجيا بنطاق وسرعة لم تستطع الدول ومشرعوها مواكبتها. وكون هذه الشركات عبارة عن أسواق، فهي تستفيد من "تأثيرات الشبكة"
ففي العام 2018، أرسى النظام الأوروبي العام لحماية البيانات الأساس التشريعي لحماية بيانات المستخدم والخصوصية. وتُحدد قرارات الاتحاد الأوروبي المتواصلة لمكافحة الاحتكار التجاوزات الاحتكارية للشركات. كما أنَّ ازدياد النشاط السياسي والاجتماعي بين موظفي شركات التكنولوجيا يوفر نوعًا من التنظيم الداخلي أيضًا. ويُضاف إلى ذلك، أن العقد المُقبل سيشهد منافسة أكبر من الشركات الصينية مثل "تينسنت" و"علي بابا" و"بايدو"، على الرغم من أنها تتصرف بمنطق "رأسمالية المنصة" ذاته بغطاء مختلف.
*May 27, 2021
خمس شركات أميركية تمكنت من تحقيق أرباح قياسية على الرغم من أزمة كورونا التي ساهمت في تحفيز تجارة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات.
بينما تواجه دول فقيرة مخاطر ثورات اجتماعية بسبب الركود الذي لحق باقتصادياتها نتيجة وباء كورونا تجاوزت عائدات خمس شركات أميركية تنشط في مجال تكنولوجيا المعلومات خلال العام الماضي مستوى التريليون دولار. ويقف العالم حائرا في اتخاذ قرارات تحد من هذه الفجوة خشية الانتهاء بقوانين تعاقب الناجحين على نجاحهم.
*
الأمر لا علاقة له بفعل الخير، بل هو محاولة لشراء السلم الاجتماعي. وحتى لا تنهي الرأسمالية ضحية لنجاحها عليها أن تسارع لإيجاد الحلول لمشاكل تسببت بها.
هذا يفسر لماذا أصبح “الدخل المضمون”، أو “تقديم الأموال للناس دون مقابل هكذا وببساطة” موضوعا ساخنا تتداوله وسائل الإعلام، وقضية مفضلة لدى الكثير من الرواد في وادي السيلكون.
الدول البترولية سبق أن واجهت نفس المعضلة التي تواجهها اليوم شركات التكنولوجيا العملاقة. أليست المعلومات نفط المستقبل؟ لنسترجع الحلول التي اعتمدتها تلك الدول.. معظمها استخدم هذه الثروة لخدمة مآرب حفنة من رجال السلطة والحكم. فماذا حصل لتلك الحكومات؟
كلنا يعلم إلى ماذا آل إليه الوضع في العراق، وليبيا، والجزائر..
دول قلّة استخدمت الثورة التي جلبها اكتشاف البترول واستخراجه بحكمة، واعتبرت المواطن شريكا شرعيا في الثروة. بالتأكيد ليست الشراكة الوهمية التي رفعها الراحل معمر القذافي في ليبيا شعارا. بينما راح يبدد الأموال في مغامرات دونكيشوتية. والخاتمة معروفة للجميع.
اقتُرحت فكرة الدخل الأساسي الذي تقدمه الدولة مباشرة لأول مرة من قبل فلاسفة في القرن السادس عشر، وقد نظر إليها الكثيرون على أنها أشبه بعلاج يمكن أن يخفف الكثير من المشاكل الاجتماعية. ويرى مناصرو الفكرة أن الدخل الأدنى المضمون يمكن أن يؤدي إلى تخليص المجتمع من الفقر. ومن ناحية أخرى، فإن بعض المحافظين والمتحررين ينظرون إلى الدخل الأساسي العام كبديل منخفض التكاليف لأنظمة الرعاية الاجتماعية.
الدخل الأساسي، كفكرة، وليس كعبارة، صاغه كارل ماركس بجملة تحولت إلى شعار، إلا أن إخراجها من سياقها حوّلها إلى نوع من الطوباوية اتهم فيها الشيوعيون، الذين رحلوا غير مأسوف عليهم. لتبق عبارة ماركس “من كل حسب كفاءاته، ولكل حسب حاجاته”.
العبارة وردت في رسالة كتبها ماركس عام 1875 وجهها إلى حزب العمال الديمقراطي الاجتماعي الألماني.
الدخل الأساسي، بوصفه حلاّ للأزمات المتولدة عن تطور وسائل الإنتاج، ليس حكرا على الفكر الماركسي، أو لنقل الكلمة الممجوجة “الشيوعية”.
ففي الولايات المتحدة، سبق أن عبر الاقتصادي ميلتون فريدمان عن دعمه الدخل الأساسي بوصفه شكلا من أشكال ضريبة الدخل السالبة. وحتى الرئيس ريتشارد نيكسون اقترح تقديم المال مباشرة إلى العائلات، دون شروط. وقد حازت خطته، التي قدمها بعد إلحاح 1000 اقتصادي في رسالة مفتوحة، على موافقة مجلس النواب مرتين، ولكنها رُفضت من قِبل مجلس الشيوخ.
بالطبع لا ضرورة للتذكير بمناصري الدخل المضمون من منظمة الفهود السود ومارتن لوثر كينغ جونيور، الذين رأوا فيه وسيلة لنشر العدالة الاجتماعية.
لا يرون التبدل الذي زحف على وسائل الإنتاج وملايين الروبوتات المسلحة بالذكاء الاصطناعي تحل محل، ليس فقط العمال في المصانع، بل أيضا داخل المحاكم والمسارح ودور النشر والمستشفيات والمخابر..
أصبحت هوة عدم المساواة كبيرة لدرجة يصعب تجاهلها.
الذين لا يمتلكون وسيلة للاتصال بالإنترنت إلى الجلوس في مواقف السيارات العامة للاتصال بالواي فاي لحضور الصفوف على الإنترنت.
الثورة التكنولوجية الرابعة التي غيرت وسائل الإنتاج ستحتم على الجميع أن يقبل بمقولتك التي أسيء فهمها “من كل حسب كفاءاته، ولكل حسب حاجاته”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق