Oct 26, 2020
أطلقتها المؤسسات الحقوقية في مصر تهدف إلى منح مساحة كافية من الوقت أمام الزوجين للتغلب على حياة ما بعد مرحلة العزوبية.
وتلزم هذه المبادرة الزوجين بعدم اللجوء إلى الانفصال قبل مرور ثلاث سنوات على الارتباط حيث يختبر كل منهما الآخر بشكل متكامل، وبعدها يقرران إما الاستمرار وإما القطيعة. وأثارت هذه المبادرة جدلا في الأوساط الأسرية والدينية حيث رأى فيها البعض تقنينا للعلاقات المحرمة بين الشباب والفتيات، واعتبرها رجال الدين بابا للزنا، فيما أيدتها شريحة أخرى من الناس بذريعة أنها تُجبر الشباب على التمهل في الطلاق.
يوحي ارتفاع نسب الطلاق خلال السنوات الأولى في بعض الدول العربية، بأن منظومة الزواج أصابها الخلل ولم تعد بنفس التماسك الذي كانت عليه في الماضي القريب، حتى صارت أرقام المنفصلين بعد عام واثنين وثلاثة مثيرة للخوف وسط غياب وضع استراتيجية محكمة تستهدف الحد من الطلاق في بدايات الزواج.
كشف مسؤولو مشروع “مودة” المعني بالتوفيق بين الأزواج المتنازعين في مصر، أن صلاحية الزواج عند 38 في المئة من الشباب والفتيات لا تتخطى ثلاث سنوات، فيما تصل هذه النسبة في السعودية إلى 60 في المئة، وفي الإمارات أكدت إحصائية رسمية عن صندوق الزواج، أن نحو 75 في المئة من حالات الطلاق تحدث خلال أول عامين، بينما تتفاوت النسبة بين الارتفاع والانخفاض في بلدان أخرى.
الزوجان ملتزمان بالعيش معا فترة طويلة ليستطيعا الحكم بشكل متكامل على مدى التوافق الفكري والنفسي، أم أن الحياة بينهما صارت مستحيلة.
وأثارت المبادرة جدلا واسعا في أوساط أسرية ودينية، فالبعض اعتبرها مهينة للمرأة وقدسية الزواج، وآخرون رأوا فيها تقنينا للعلاقات المحرمة بين الشباب والفتيات، وبعض رجال الدين قالوا إنها تفتح بابا خلفيا للزنا، فيما أيدتها شريحة من الأهالي بذريعة أنها تُجبر شباب وفتيات الجيل المعاصر على التمهل في الطلاق.
أمامهما الوقت الكافي لفهم بعضهما وتقديم كل طرف تنازلات، وهناك احتمال قوي أن تساعدهما المدة على التأقلم.
*****
أزمة الزوجين في السنوات الأولى منحصرة في فرض كل طرف نفوذه وسطوته على الآخر، فالشاب يريد أن يفرض على زوجته أمورا لم تعدها، مثل ترك العمل وارتداء الحجاب وعدم تكوين صداقات وخدمة والديه وتغيير نمط وشكل ملابسها، وهي تشترط عليه نمط حياة معينا، ومن هنا تنفجر أزمات عصية على الحل، لأنها لم تكن محسومة قبل الزواج.
****
وتستهدف فكرة زواج التجربة منح مساحة كافية من الوقت أمام الزوجين للتغلب على حياة ما بعد مرحلة العزوبية، وإذا اختار الشاب الطلاق بعد مهلة الثلاث سنوات يمنح زوجته نفقتها وعدتها ومتعتها دون نقص مع المؤخر وقائمة المنقولات كاملة، وتسليمها سكن الأسرة إذا كانت حاضنة دون اللجوء إلى القضاء.
وفي حال كانت الزوجة هي التي تصر على طلب الطلاق، عليها إعادة الشبكة والمهر فقط دون تحميل الرجل أعباء أخرى أو اللجوء إلى القضاء، كي لا تتحول الحياة مستقبلا إلى معركة انتقامية بين الطرفين داخل المحاكم.
فماذا يجبر فتاة على أن تعيش مع زوج وهو يعتدي عليها لمجرد أنها محكومة بعقد يحدد موعد الطلاق.
لتدريب الشباب والفتيات على كيفية تكوين أسرة والتعامل مع ضغوط الحياة وكسر عقدة الخلاف بينهما، ومدهما بالمهارات والخبرات الأسرية، لأن أغلب الشباب والفتيات يتزوجون وهم لا يملكون الحد الأدنى من المعرفة والفهم لطبيعة الحياة الأسرية، فيحدث الطلاق سريعا.
يواجهون المجهول بلا فهم
**
من القائمة إلى زواج التجربة
طبيعة التعديلات التي يحتاجها القانون، بين منظمات نسوية ترى فيه إجحافا للمرأة، وآراء أخرى ترى فيه مخالفة للشريعة الإسلامية.
تضمن التعديل فرض عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة، وفرض غرامة تتراوح بين عشرين وخمسين ألف جنيه على الزوج حال زواجه بأخرى دون إخطار زوجته الأولى. وكذلك على المأذون الذي عقد قران الزواج الثاني.
فرض القانون عقوبات على من يمتنع عن تنفيذ حق رؤية واستضافة أحد الوالدين للأطفال في حالة الطلاق، وتطرق إلى الرؤية الإلكترونية وتنظيمها كبديل حال تعذر تنفيذ الرؤية في شكلها المعتاد.
عبء على المرأة
السماح لأحد أولياء المرأة برفع دعوى تطالب بفسخ عقد الزواج خلال عام من عقده إذا رأى عدم وجود تكافؤ في الزواج، أو عدم حصولها على مهر مناسب، وهو ما اعتبره البعض انتقاصا من أهلية المرأة كشريك في الزواج.
عدم جواز سفر الأم الحاضنة بأطفالها دون موافقة كتابية من الطرف غير الحاضن، وهو الأب. وكذلك عدم قدرتها على استخراج أي أوراق رسمية للأطفال أو اتخاذ قرارات الولاية التعليمة دون إذن كتابي من الطرف غير الحاضن.
حقوقيون أن هذا النص يزيد من الأزمات التي تعيشها الأم الحاضنة بالفعل، إذ تواجه مشاكل في إجراءات الحصول على الحضانة والولاية الكاملة على الأطفال في حالة الانفصال عن الزوج.
لا يذكر القانون وجود مثل هذه القيود على الأب، وهو ما يراه المعارضون لمشروع القانون ثغرة تمكن الأب من الانفراد بالقرارات المتعلقة بالأطفال، أو حتى اختطاف الأطفال من حضانة الأم والسفر بهم خارج البلاد.
يلغي مشروع القانون اختصاص المحاكم الجنائية في ما يتعلق بقضايا تبديد قائمة المنقولات وغيرها من نقاط الخلاف في حالة الطلاق، وإحالة الاختصاص في هذه القضايا إلى محكمة الأسرة.
كل هذه النقاط جددت النقاش حول التعديلات التي يحتاجها قانون الأحوال الشخصية الحالي، خاصة في ما يتعلق بالنفقة وحضانة الأطفال.
تشمل المطالبات تحويل الزواج إلى عقد مدني، وفرض المزيد من القيود على تعدد الزواج، وهو ما يراه آخرون مخالفا للشريعة الإسلامية التي تحتكم إليها قوانين الأحوال الشخصية والمواريث في مصر.
تشهد النقاشات المتعلقة بقوانين الأحوال الشخصية جدلا وتباينا واسعا في الآراء، وهو ما حدث من قبل في عدة مناسبات، لعل أبرزها ما يتعلق بقانون الخلع الذي أُقر عام 2000.
قوانين الأحوال الشخصية بحاجة إلى مراجعة شاملة تتواكب مع التغيرات الاجتماعية والقانونية في العصر الحديث.
*
قضايا الأسرة والأحوال الشخصية
ينفي أحمد نايل المحامي المتخصص في قضايا الأسرة والأحوال الشخصية الاعتقاد الخاطئ لدى كثير من المصريين بأن الزوجة تتنازل بموجب الخلع عن كل مستحقاتها
ويؤكد أن الخلع لا يحرم المرأة سوى من مقدم المهر، والمؤخر بالتنازل عنهما، لكنها لا تفقد حقها في حضانة الأطفال، ولا نفقتهم، وكذلك لا يلزمها التنازل عن مسكن الزوجية، ولا قائمة المنقولات أو ما يطلق عليه بالمصرية الدارجة "القايمة".
فالمادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 عرف الخلع بأنه "دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها إذا بغضت الحياة معه ولم يكن هناك أمل في استمرار الحياة بينهما، وخشيت الزوجة بسبب هذا البغض ألا تقيم حدود الله، وفي هذه الحالة تفتدي لنفسها بإرجاع المهر للزوج والتنازل عن حقوقها المالية الشرعية".
يرى استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية محمد هاني أن انتشار الخلع والطلاق بمعدلات كبيرة في مصر يشير إلى غياب ثقافة التفاهم بين الشريكين، وغياب إدراك المغزى وراء العلاقة الزوجية، التي تقوم على التفاهم، والقدرة على علاج المشكلات وتخطيها بمرونة والتوادّ والتراحم.
التسرع في الزواج خوفا من العنوسة المنتشرة بالمجتمع نتيجة الأوضاع المادية الصعبة للشباب المصري، يعد سببا أساسيا في الطلاق والخلع، مضيفا أنه "بعد التوغل في العلاقة يفاجأ الطرفان بأن كلا منهما غير مناسب للآخر، ومن هنا تنشأ المشاكل
قفزت النسبة إلى 66% عام 2010، ثم 75% عام 2014 حتى حُصرت كل أسباب الطلاق دون خلع في أقل من 15% طبقا لآخر إحصاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق