Feb 5, 2021
سلطت هاشتاغات على غرار #الخميني_العظيم و#الإمام_الخميني و#وعاد_الإمام الضوء على الدعاية الإيرانية الموجهة للعرب على مواقع التواصل الاجتماعي، التي ركزت هذه المرة على إعادة بث الروح في “الخميني الرمز”، باعتباره “قيمة قادرة على التجميع والتأثير”.
تسعى إيران من خلال ذلك إلى مزيد إحكام السيطرة على حركة الجماهير في عدة دول عربية وتطويعها. وانتشر بصفة أقل هاشتاغ #الثورة_الإسلامية. وتقضي الخطة الجديدة بتسويق الخميني كرمز جامع، خاصة بعد “المصاب الجلل” الذي لحق بإيران على إثر مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني.
صناعة الرموز التي فقدت هالتها مؤخرا على مواقع التواصل، أو في ساحات التظاهر، على غرار الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
الدعاية تمجد صفات “مفجر الثورة” وقدراته، لإضفاء هالة قدسية على الخميني “البشري” وتحويله إلى “بطل جديد في المخيال الشعبي العربي”. وأثنى المغردون على “الثورة الإسلامية التي سرها في مفجر ثورتها الإمام الخميني العظيم”.
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الخميني تحت شعار “انشروا سيرة الإمام الخميني العظيم ولا تبخلوا”. وحفل تويتر بمقولات للخميني التي لا يعرف مدى صحتها. وشكا مغردون “الشوق الذي أرهقهم لرؤيته”. وكتب مغرد في هذا السياق:
الجيوش الإلكترونية من منطلق معرفتها بنفسية المجتمعات العربية ومكامن تأثرها، تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات “عاطفية” لتغييب العقل.
إنشاء شبكات كبيرة من الحسابات المزيفة التي تضخّم رسائل معينة عن طريق الإعجاب والتعليق ومشاركة المنشورات بعضها مع بعض. ومن طريقة كتابة المنشورات وعرضها يبدو أن محترفين هم من يديرون الحسابات.
الجيوش الإلكترونية تدار من دول عربية أو من إيران نفسها. وسبق أن كشفت تقارير إعلامية كيف يشكّل حزب الله اللبناني جيوشه الإلكترونية عبر تجنيد الآلاف من الناشطين من العراق وسوريا والبحرين والسعودية لإدارة عمليات التضليل الإعلامي، ونشر دعايته والترويج للأجندة الإيرانية على مواقع التواصل الاجتماعي.
تنصب إيران نفسها منذ سنوات وصية على حب آل البيت وربطته بالولاء لها، وتعمل حاليا على تنصيب نفسها وصية على المسلمين المضطهدين مهما كان مذهبهم، بالإضافة إلى تقمص دورها المفضل “حاملة لواء مقاومة إسرائيل” كوسيلة لتوسيع شعبيتها في المنطقة العربية.
باتت إيران تعطي بعدا دينيا وتاريخيا لسياستها في المنطقة، من خلال توظيف مفاهيم “الدفاع عن المقدسات، تحرير القدس، محاربة الاستكبار، نصرة المستضعفين”، دون أن تنسى الزج بـ”الشيطان الأكبر”، وغيرها من المفاهيم التي تمنح التمدد الإيراني شرعية القفز على سيادة وحدود الدول.
الدجل باسم الدين لتغييب وعي الشعب؛ لأن الشعب المغيب وعيه سهل القيادة. ويعكس الأمر بوضوح استخدام إيران الدراسات النفسية وربطها بحروبها السيبرانية في المنطقة العربية.
الدعاية الإيرانية المعاصرة “دعاية عقائدية أيديولوجية” موجّهة للعرب والمسلمين بشكل رئيسي، كونها تريد الاستحواذ على العقيدة الإسلامية، والسيطرة والهيمنة السياسية والجغرافية في الدول العربية التي تتواجد فيها قطاعات واسعة من المسلمين.
تلعب الدعاية كإحدى أدوات “الردع الناعم”، دورا كبيرا في إجبار الشعوب على تغيير قناعاتها بالشكل الذي يخدم مصالح إيران. وتوظف إيران ميزانيات مالية ضخمة لوسائل الدعاية والإعلام، إذ تمتلك العشرات من القنوات الفضائية الناطقة باللغات العربية.
صياغة الدعاية الإيرانية جهاز خاص يطلق عليه اسم “مجلس الخبراء والإرشاد وصياغة الدستور” ويتولّى قيادته المرشد الأعلى للثورة الإيرانية. وجرى استحداث وزارة الإرشاد لتقوم بالتجهيز للدعاية الإيرانية لحظة بلحظة.
*
42
عاما لثورة الخميني
ويؤكد المراقبون أن الثورة الإيرانية منذ اندلاعها وتحويل البلاد إلى جمهورية إسلامية أثرت على المنطقة على نحو سيء وبدلا من التعايش مع دول الشرق الأوسط في سلام راحت إيران تنفذ أجندتها الخارجية، وتجلى ذلك في سيطرتها على مفاصل العراق بعد الغزو الأميركي في العام 2003 من خلال سياسيين موالين لها وميليشيات تدين لها بالولاء.
انعكس كل ذلك على الوضع الداخلي حيث فشل النظام الإيراني في تحسين معيشة المواطنين وإتاحة مساحة للحقوق والحريات والتي لطالما كانت تتجسد في مظاهرات واحتجاجات على السلطة التي بدل أن تعمل على بناء الاقتصاد حولت أموال الإيرانيين إلى بناء ترسانة عسكرية ونووية لطالما كانت محل إثارة للجدل.
الرئيس حسن روحاني، حيث نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عنه قوله في كلمة خلال الاحتفال بالذكرى السنوية للثورة، إن “الشعب الإيراني وخلال القرن الأخير شهد حربين: الأولى حرب لثماني سنوات (مع العراق) والثانية الحرب الاقتصادية التي فرضتها قوى الاستكبار العالمي (مع الولايات المتحدة)، والتي سنحقق النصر فيها”، لكنه لم يخف الضرر الاقتصادي لبلده حينما قال “نمر بظروف حرب اقتصادية منذ ثلاث سنوات”.
الأيديولوجيا الإسلامية فشلت في استقطاب أجيال ما بعد ثورة الخميني
يختلف الكثير من الإيرانيين مع سياسة طهران في الشرق الأوسط ويتساءل الناس عن وجوب إنفاق عائدات النفط الإيراني على ميليشيات توالي النظام في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
يرى المنتقدون أن الإيرانيين في حاجة لهذه الأموال قبل أي أحد آخر، خاصة في ظل ظروف الوباء، حيث سجلت إيران، الدولة الأشد تضررا بكوفيد – 19 في الشرق الأوسط، نحو 59 ألف حالة وفاة وزهاء مليون ونصف المليون إصابة قبل أن تبدأ السلطات في حملة تطعيم الثلاثاء الماضي، والتي تشكل أصعب اختبار للسلطات داخليا.
Feb 11, 2021
* Jun 18, 2021
الحرية ليست سلعة غربية
الكثير من الناشطين في إيران أصيبوا بخيبة أمل بعد أن كانوا مصممين على إحداث تغيير في الجمهورية الإسلامية المحافظة.
أقل نسبة المشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية - وهي "ضربة للنظام الذي يعتمد شرعيته على نسبة مشاركة انتخابية عالية". فبالنسبة للكثيرين، يعتبر رفض التصويت عامل تحدٍ مهم.
العزلة بالضبط هي ما يريده المحافظون للحفاظ على هيكل الدولة السلطوية وشبكاتها العسكرية والاقتصادية في إيران ومحيطها، ومن ثمَّ استغل هؤلاء سيطرتهم البرلمانية العام الماضي كي يعرقلوا خطط روحاني ووعوده للإيرانيين بإعادة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات وتخفيف العقوبات على طهران.
الفرق بين الإصلاحيين والمتشددين من ساسة إيران هو وصف آية الله محمد علي تسخيري مستشار آية الله علي خامنئىي مرشد الدولة لكل من الفريقين (الاصلاحى والمحافظ أو المتشدد) عندما قال: "إن كلا الخطين يؤمنان بالثورة الإسلامية، ويؤمنان بمبادئ الإمام الخميني، ويؤمنان بمبادئ الدستور، ويؤمنان بأهم مادة في هذا الدستور، وهي لزوم أن يكون القائد فقيهًا أو ما يعبر عنه بولاية الفقيه، وأنهما معًا يؤمنان بهذه المبادئ، ويختلفان في أساليب التطوير وآلياته".
لإعادة إحياء مبادئ الثورة بما يدعم استمرار التيار المحافظ على رأس مراكز القوى الإيرانية للأعوام العشرة التالية على الأقل
"محاولة المتشددين الأوضح في تاريخ إيران، ليس فقط لإقصاء المعتدلين من المنافسة، بل لإزاحة نمط تفكيرهم كاملا من المشهد السياسي الإيراني"، وبما يبدو معه أن أيام الإصلاحيين القادمة في المشهد السياسي باتت معدودة، وأن الثورة الإسلامية السبعينية تستعيد روحها، وتعيد الترويج لنفسها باعتبارها السبيل الوحيد لضمان أمن إيران وسلامتها محليا وعالميا
يُدرك خامنئي ذو الاثنين والثمانين عاما أنه لا يملك الكثير من الوقت المتبقي في السلطة أو ربما في الحياة كلها. فسواء تسببت صحته المتراجعة في تعطيل قدرته على ممارسة شؤون الولي الفقيه أو وافته المنية، فإن الجمهورية الإسلامية بحاجة إلى خليفة يتولى شؤونها. لكن الأهم من ذلك، يريد الرجل أن يُتابع تنفيذ ونشر تعاليم الثورة الإيرانية التي يخشى انطفاء شعلتها مع زوال الجيل الأخير من رجالها. ولذا فإنه يعمل منذ عام 2019 وحتى اللحظة على "حقن المؤسسات الإيرانية بدماء جديدة" من الشباب الثوري المتشدد القادر على إدارة مراكز القوى الإيرانية، والضامن لاستمرار العمل بـ "مبادئ الثورة" من بعده.
يضم مجلس الشورى الإسلامي 290 مقعدا يتنافس عليها عادة المتشددون/المحافظون، والإصلاحيون/المعتدلون مع بعض الأسماء البراجماتية، ويصطف من ورائهم المستقلون وأحزاب أقل أهمية في الشارع الإيراني. وخلال الأعوام الثمانية الماضية، سيطر الإصلاحيون والمعتدلون على كل من البرلمان والرئاسة تحت قيادة روحاني الإصلاحي، رغم كونه رجل دين وأحد المرشحين السابقين لخلافة خامنئي في منصب المرشد الأعلى، وهو حلم انتهى بالنسبة إلى روحاني، إذ أودت به فترتاه الرئاسيتان ليصير منبوذا بين صفوف معظم رجال الدين، وكذلك المؤيدون له في الشارع الإيراني ممن تضرروا جراء سوء الأوضاع الاقتصادية.
جاء روحاني بعده بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية الداخلية، والمفاوضات الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني التي انتهت بتوقيع الاتفاق النووي عام 2015، ومن ثَم شهد الاقتصاد الإيراني طفرة رفعت من شعبية روحاني والإصلاحيين، بيد أن تلك الطفرة لم تستمر طويلا بعدما انسحبت الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018، وفرضت مزيدا من العقوبات المشددة على إيران، تاركة روحاني والإصلاحيين في مهب الريح داخليا وخارجيا، ومانحة فرصة ذهبية لهجمة مضادة من المحافظين.
أثار الانسحاب الأميركي حفيظة المتشددين الإيرانيين الرافضين بالأساس التفاوض مع الولايات المتحدة والغرب، وأجج الغضب الشعبي الناتج عن التدهور الاقتصادي المتجدد، وأدى إلى انخفاض شعبية الإصلاحيين، ومن ثمَّ خسارتهم الانتخابات البرلمانية عام 2020 أمام المحافظين الذين حصدوا 219 مقعدا من أصل 290 في واحدة من أقل الانتخابات الإيرانية جاذبية للناخبين منذ قيام الجمهورية الإسلامية، إذ لم يُشارك بها سوى 43% ممن لديهم حق التصويت بالمقارنة مع أكثر من 70% شاركوا في انتخابات الرئاسة عامي 2013 و2017.
"ما نراه في البلد اليوم ليس مرتبطا بالعقوبات، إنه مرتبط بسوء الإدارة"
(إبراهيم رئيسي)
مؤشرا على أن رئيسي هو المرشح الأوفر حظا لخلافة خامنئي مرشدا أعلى للثورة، إذ تولى خامنئي منصب المرشد بعد وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية "آية الله روح الله الخميني"، وكان خامنئي حينها رئيسا للدولة قبل أن يخلف قائد الثورة في موقعها الأبرز والأقوى. لكن خسارة رئيسي والتيار المحافظ أمام روحاني في كل من انتخابات الرئاسة والبرلمان السابقة لها، دفعت بخامنئي نحو نهج أكثر تشددا في الإطاحة بالإصلاحيين تماما من المشهد السياسي في انتخابات هذا العام، ولذا دُفِع برئيسي مجددا إلى الانتخابات الرئاسية بعد سنوات من الضغط عليه ليعدِّل نهجه بالابتعاد عن الأضواء والدخول إلى الساحة السياسية من أوسع أبوابها.
أخذ رئيسي على عاتقه مهمة مهاجمة روحاني وسياساته الإصلاحية، والسعي لتوحيد المتشددين والمحافظين تحت رايته، متخذا من معاداة أميركا والمشكلات الاقتصادية الناتجة عن انهيار المحادثات النووية معها قاعدة لرفض النهج الإصلاحي كاملا. ومن جهة أخرى، تحصّن رئيسي بتاريخه الطويل على رأس السلطة القضائية ودوره في توطيد أركان النظام الإيراني بعد الثورة الإسلامية
في الوقت الراهن، يجد الإيرانيون أنفسهم أمام واحد من أكثر رجال الثورة الإيرانية تشددا ومحافظة، وأقربهم إلى المرشد وإلى خلافته في منصبه، وأمام النظام السياسي والانتخابي الإيراني في أضعف لحظاته وأقلها استنادا للشرعية الشعبية التي اعتاد الجميع على توفر الحد الأدنى منها على مدار أربعين عاما، وأمام ضعف غير مسبوق للتيار الإصلاحي يغيِّبه عن المشهد نتيجة تكالب المحافظين من جهة، والظروف الدولية والاقتصادية التي تسببت بها رئاسة ترامب من جهة.
تعدُّ الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة آخر قطعة في أحجية خامنئي الثورية، فلم يكن فوز رئيسي مجرد حاجة مُلحّة بالنسبة إليه كي تستمر الثورة الإيرانية كما يراها في نظره، بل ضرورة لاستمرار الجمهورية الإسلامية بشبكاتها دون خلافات قد تخلخل قبضة النظام وتُفضي إلى تحوُّل إصلاحي كبير بالتزامن مع رئاسة بايدن ومرض خامنئي
ا يدين له منافسوه من مرشحي الرئاسة بالولاء كذلك في مشهد هزلي تآكلت معه التنافسية الحقيقية التي عُرفت عن الانتخابات الإيرانية سابقا.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق