Jan 18, 2021
مشاكل -على غرار تعمق التفاوت الاجتماعي، تراجع التصنيع، فقدان الوظائف ذات الأجور الجيدة والآمنة للموظفين ذوي الياقات الزرقاء، سببها قوة الدولار. ولا عجب أن المستثمرين أصحاب الأفكار المبتكرة ينصحون أي شخص بالاستعداد لمستقبل ما بعد الدولار.
إن الصعود المفاجئ للولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى، باعتبارها القوة المالية المهيمنة في العالم، شكل صدمة، خاصة أنها كانت أقل أهمية من صربيا في أزمة يوليو/تموز 1914.
بحلول عام 1916، ومع زيادة الاستهلاك على نطاق لا يمكن تصوره، كان من الواضح أن كل شخص في العالم يحتاج إلى الدولارات، وهي العملة التي تتيح الوصول إلى أكبر مجموعة من المواد الخام، وتعزز القدرة الصناعية، حسب التقرير.
بالتزامن مع حكم الجمهوريين، لم ترفض الولايات المتحدة تقديم تنازلات سخية بشأن ديون الحرب فحسب، بل عادت إلى اعتماد السياسة الحمائية، وفرضت القيود على الهجرة، مما أدى إلى انكماش اقتصادها بوحشية، واستنزاف مخزونها من الذهب من خزائن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم.
كان يستحيل على شركاء الولايات المتحدة السابقين في الحرب سداد ديونهم الحربية حتى وإن رغبوا في ذلك، وأدت إضافة قروض خاصة جديدة من وول ستريت على رأس ديون زمن الحرب إلى تفاقم المشكلة، وكانت الولايات المتحدة تجري تجربة معاكسة لكونها دائنا عالميا وتدير فائضا تجاريا في الوقت نفسه، كما يذكر التقرير.
العصر الحديث
لأول مرة في التاريخ، لم يتم ربط أي عملة في العالم بالذهب أو بأي عملة أخرى، حيث تعتمد قيمة العملة فقط على سلطة الدولة كما تحددها الأسواق، وهو ما أدى إلى انخفاض قيمة الدولار. في المقابل، واجهت كل من اليابان وألمانيا طفرة في عملاتهما التي صمدت لفترة طويلة.
وتم تداول هذا النظام على نطاق أوسع مع تراجع الدولار مقابل المارك الألماني والين الياباني. لذلك، تم إنشاء النظام الحديث لعقد القمم بين مجموعة الدول الصناعية السبع للمساعدة في التعامل مع الضغوط. وإثر ذلك، أصبحت منظمة أوبك (opec) تفكر في تسعير نفطها بعملة أكثر موثوقية.
وانتهت أزمة هيمنة الدولار الأولى، التي تعتبر الأكثر خطورة حتى الآن، وفي أكتوبر/تشرين الأول 1979 سمح بول فولكر، بصفته رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، برفع أسعار الفائدة، الأمر الذي أحدث صدمة بالاقتصاد العالمي وساهم في ارتفاع قيمة الدولار.
وبعد تجاوز حدود اتفاقية بريتون وودز، ازدهرت أسواق العملات والأسواق المالية المحررة، وسواء في نيويورك أو لندن، كانت بنوك وول ستريت بمثابة المحركات المهيمنة لهذا العصر الجديد من النمو المالي، ووضعت الدولار والبنوك الأميركية الرئيسية في محور كل تجارة.
وعد هذا النظام الجديد بالمرونة، وإعادة تخصيص الموارد بكفاءة، لكن الطفرة المالية كانت هائلة، مما دفع إلى ظهور موجة جديدة من الإقراض الدولي المقوم بالدولار، وأدى هذا الأمر إلى تواتر الأزمات.
في الثمانينيات، ازدادت حدة أزمات الديون في أميركا اللاتينية لدرجة أنها عرضت النظام المصرفي للولايات المتحدة للخطر.
توالي الأزمات
شهد العالم فترة اجتمعت فيها أزمة الديون في الثمانينيات مع أزمات فترة ما بعد الحرب الباردة، وظهرت الآثار في المكسيك أولا عام 1994 وحتى 1995 تلتها أزمة الاقتصادات الآسيوية عام 1997. ثم حلت أزمة روسيا عام 1998 وأخيرًا الأزمة العصيبة بالأرجنتين عام 2001.
وبحسب التقرير حاولت وزارة الخزانة الأميركية وبنك الاحتياطي الفدرالي إدارة تلك الصدمات من خلال تقديم قروض جديدة، وإعادة هيكلة الديون، إلا أنهما واجها مقاومة مستمرة من كل البلدان الواقعة ضحية للأزمات، ومن الكونغرس الأميركي الذي امتعض من تقديم العون للدول الأجنبية، في حين أدركت الأصوات الأوروبية بمجلس صندوق النقد الدولي أن النظام بأكمله لا يشجع إلا على توسع مالي مستهتر.
وتضررت أميركا وأوروبا من "الصدمة الصينية" حيث ارتفعت صادرات الصين بسبب رخص ثمنها، وفرضت وول ستريت رسوما باهظة على تدفق رأس المال، وواجه العمال منافسة شرسة في مجال التصنيع.
انهيار 2008
لم يكن الانهيار عام 2008 على هيئة أزمة الدين العام المتوقعة بالولايات المتحدة، بل كان في شكل أزمة ضربت النظام المصرفي شمال الأطلسي بأكمله.
كانت نسبة كبيرة من ميزانيات مصارف لندن وباريس وفرانكفورت وهولندا مقومة بالدولار، بسبب محاولاتها استغلال ازدهار الرهن العقاري الأميركي. وبدلاً من قلب النظام المالي العالمي القائم على الدولار، كشفت أزمة عام 2008 عن اعتماد عالمي شديد على الولايات المتحدة.
وبذل الاحتياطي الفدرالي قصارى جهده لدعم النظام المصرفي عبر الأطلسي عن طريق ضخ السيولة بالدولار لكل من البنوك الأوروبية والآسيوية في نيويورك وبنوكها المركزية، عن طريق خطوط مبادلة السيولة. لكن ذلك لم يحل دون وقوع منطقة اليورو في أزمة ديون سيادية شاملة.
تشير التوقعات طويلة المدى حتى عام 2050 إلى أن حصة الصين من الناتج المحلي الإجمالي العالمي غالبا ما ستستقر عند حوالي 20%، مقارنة بنسبة تتراوح بين 12% و15% للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند. وفي هذا العالم متعدد الأقطاب، ليس غريبا أن يتخيل المرء استمرار الدولار في لعب دور مهيمن في التجارة والتمويل الدوليين.
*Apr 27, 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق