الاثنين، 7 فبراير 2022

***** العدالة الاجتماعية فى التعليم العالى معتز خورشيد

Sep 9, 2021

مستقبل أسواق العمل.. «الثورة الصناعية الرابعة» معتز خورشيد وزير التعليم العالي 
2011
Nov 8, 2019
د. معتز خورشيد

ناقشت مناخ الكوكبة والتدويل، ومقاربات الابتكار والإبداع، وسياسات اقتصاد المعرفة، بصفتها مشاهد رئيسية للرؤية العلمية 
والتكنولوجية «رباعية الأبعاد» المؤثرة فى أداء أسواق العمل ومتغيراته الهيكلية بالألفية الثالثة. ورغمًا عن تعاظم تأثير هذه المشاهد (أو الأبعاد) الثلاثة، ورغم أن العديد من الدول النامية مازالت تكثف جهودها من أجل التناغم مع المناخ المعرفى الجديد للتنمية والتقدم العلمى والابتكار، إذا بالمجتمع الدولى يواجه «المشهد الرابع» والأخير المتمثل فى بزوغ فجر «ثورة صناعية رابعة» تعتمد على منظومة متكاملة من التكنولوجيات الذكية، من أهمها إنترنت الأشياء، والحسابات السحابية، وتحليل البيانات الكبيرة، والذكاء الاصطناعى، والروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وسلسلة الكتل.

ومن المنتظر أن تساهم هذه الثورة الصناعية الرابعة فى خلق فرص وتحديات غير مسبوقة لقطاع الأعمال، والحكومات، والأفراد، والمجتمع ككل. بيد أن التأثيرات الأكثر أهمية فى هذا المجال تختص بهيكل وآليات أسواق العمل، وما توفره مؤسسات التعليم والتدريب من خريجين. إذ يتوقع الخبراء اختفاء بعض المهن، وتغير الطلب على مهن أخرى، وظهور تخصصات وجدارات جديدة تنشأ بفعل التكنولوجيات الذكية لهذه الثورة. وتُجمع الدراسات المستقبلية على أن هذه الثورة الوليدة ستساهم فى زيادة الطلب على العمالة المعرفية (Knowledge Worker) الأكثر تعلمًا، وقدرة على البحث والتطوير والابتكار، والمكتسبة لمهارات ذهنية، تتمثل فى التجديد والإبداع والتعلم الفعال. ومن المتوقع أيضًا- فى ظل هذة الثورة الصناعية الرابعة- حدوث تغيرات رئيسية فى منظومة التعليم العالى، من أهمها ضرورة تحول مؤسساتها إلى كيانات قادرة على التنبؤ بالتغيرات المستقبلية فى سلم الجدارات المهنية والمهارات الذهنية المطلوبة فى خريجيها، وإدماجها فى خططها الاستراتيجية.

المنتدى الاقتصادى العالمى عن مستقبل الوظائف إلى حدوث تغير فى أهم المهارات المطلوبة بأسواق العمل مستقبلاً، وسلم أولوياتها فى المدى المتوسط، على النحو التالى: أولاً: من المتوقع اختفاء نحو (٣٥) فى المائة من المهارات التى تعد مهمة بأسواق العمل فى الوقت الراهن خلال السنوات الخمس القادمة. ثانيًا: سوف تحتل القدرة على الابتكار والإبداع إحدى المراتب الثلاثة الأولى فى سلم المهارات المميزة للعامل المعرفى. ثالثًا: رغم أهمية الروبوتات (أو الإنسان الآلى) فى القيام ببعض المهام والأنشطة، فإنها مازالت لا ترقى إلى مستوى القدرات الإبداعية للبشر (حتى الآن). رابعًا: يُتوقع تراجع ترتيب «قدرات التفاوض» بعد المهارات العشر الأهم فى عام (٢٠٢٢)، نظرًا لزيادة الاعتماد على تكنولوجيا البيانات الكبيرة وأساليب الذكاء الاصطناعى فى عملية اتخاذ القرار. خامسًا: يُتوقع احتلال كل من مهارات «حل المشاكل المعقدة» و«التفكير النقدى» قمة سلم المهارات المستقبلية. سادسًا: يرى العديد من قيادات قطاع الأعمال والخبراء فى مجال استراتيجيات الإدارة واتخاذ القرار، ضرورة استخدام «الذكاء الاصطناعى» بشكل منتظم فى دعم القرار بمجالس إدارة الشركات بحلول عام (٢٠٢٦). سابعًا: من المنتظر حدوث تحول ملموس ونقلة تكنولوجية مهمة فى الخدمات المالية وقطاع الاستثمار بفعل الثورة الصناعية الرابعة. ثامنًا: سيحتاج العاملون فى المبيعات والصناعات التحويلية إلى اكتساب مهارات جديدة ترتبط «بالأمية التكنولوجية». تاسعًا: توضح الدراسة أن هناك تقنيات ذكية قد سبقت أخرى فى شيوع التطبيق. فإن الإنترنت من خلال المحمول والتكنولوجيات السحابية تؤثر فى نشاط الأفراد والمؤسسات الآن، فى حين أن الذكاء الاصطناعى، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والمواد المتقدمه مازالت فى مراحل التطبيق الأولية، ولكن من المتوقع أن تكون معدلات تطبيقها سريعة فى المستقبل القريب.
فى ظل ما سبق، ينبغى على قيادات قطاع الأعمال، وأساتذة الجامعات، والحكومات استباق الأحداث من خلال تحديث المهارات والجدارات، وإعادة تأهيل أفراد المجتمع من أجل التناغم والتفاعل مع تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة، حيث إن غير المتوقع لن ينتظرنا.


****************

مستقبل أسواق العمل.. «الابتكار واقتصاد المعرفة»

يحكم عملية اتخاذ القرار التنموى رؤية «رباعية المشاهد». يختص «مشهدها الأول» بشيوع ظاهرة العولمة (أو الكوكبة) وتنامى استراتيجية التدويل (أو العالمية)، ويتفاعل «المشهد الثانى» مع مجتمع المعرفة واقتصاده، في حين يعكس «المشهد الثالث» تعاظم دور الابتكار والإبداع وتنامى تأثيراته المؤسسية والاقتصادية والاجتماعية. وأخيرًا، يتأثر «المشهد الرابع» بالتكنولوجيات الذكية الممثلة للثورة الصناعية الرابعة. ويؤكد خبراء التنمية الدولية أن هذه المشاهد الأربعة ستؤدى مجتمعة إلى إحداث تغيرات جوهرية في أسواق العمل من الضرورى وضعها في الاعتبار عند صياغة السياسات الخاصة بمخرجات العملية التعليمية، وهيكل قوة العمل، واتجاهات الطلب عليها، وسلم المهارات والقدرات التي تتطلبها.

فإلى جانب العولمة والتدويل بات مشهد «الابتكار»، في الألفية الثالثة، إحدى ضرورات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضمانًا أساسيًا لاستدامتها. وتفيد رؤى المتخصصين والخبراء بأن إحداث نقلات تنموية مؤثرة، والإسراع بمعدلات النمو الاقتصادى، يرتبط بقدرة المجتمع على الابتكار والإبداع.

ويُعرف الابتكار من قبل منظمة التعاون الاقتصادى من أجل التنمية (OECD) بكونه «نشاطًا إبداعيًا يؤدى إلى إنتاج سلعة أو خدمة جديدة أو مختلفة بشكل كبير عن السلعة أو الخدمة المنتجة سابقًا». كما يمكن أن يحدث الابتكار في إطار «عملية إنتاج أو تنظيم أو تسويق جديدة أو مختلفة بصورة كبيرة عن العمليات السابقة، على أن يتم استخدامها بالفعل من قِبل الشركة المنتجة».

ويختص هذا التعريف أساسًا بأسواق الإنتاج السلعى والخدمى، ونوعية العمالة المطلوبة لها، وفرص العمل التي تتيحها. من ناحية أخرى، يسعى مفهوم «الابتكار المجتمعى» إلى تحقيق هدفين مترابطين، يتمثل الأول في تقديم خدمات اجتماعية مبتكرة تساهم في تحسين جودة الحياة ومستوى رفاهية المواطن، ويختص الثانى بخلق جدارات مهنية ومهارات مكتسبة من شأنها توفير فرص عمل جديدة، وزيادة معدلات مشاركة قوة العمل. بيد أن هناك نوعية ثالثة من أنشطة الابتكار تعتمد على الارتباط بين الابتكار والإبداع الإنسانى. إذ إن المؤشرات الحديثة في مجال الابتكار تصنف «الخدمات الإبداعية والثقافية» كإحدى الإضافات في مجال الابتكار.

ويوضح ما سبق أن للابتكار مردودا مباشرا على أسواق العمل، إذ يتطلب حال حدوثه توافر عمالة معرفية ذات جدارات مهنية متميزة، ومهارات ذهنية وبحثية متقدمة، ومجتمع قادر على الابتكار، وبيئات تمكينية يتعين صياغة سياسات محددة بشأنها.

من ناحية أخرى، يمثل الانتقال إلى «عصر المعرفة» المشهد الثالث المؤثر في أسواق العمل بالألفية الثالثة. وحيث إن التحول المعرفى ينطوى على أبعاد تنموية متعددة، فقد نتج عنه تحول مماثل إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، أي الاقتصاد الذي يعتمد نموه على عنصر المعرفة أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية.

ومن أجل التحول إلى «اقتصاد المعرفة» تتبنى الدول سياسات رامية إلى زيادة نسبة «العمالة المعرفية» في قوة العمل، وإتاحة فرص التعلُّم مدى الحياة، وبناء القدرات التكنولوجية ومهارات البحث والتطوير. كما اختلفت العوامل المحركة للنمو باقتصاد المعرفة بشكل عام عما كانت عليه سابقًا في المجتمع الصناعى، وبات من الضرورى أن يصاحب هذا التحول المعرفى سياسات وطنية من شأنها دعم الإبداع والابتكار وثقافتهما، وتكثيف الاستثمار في البحث العلمى، وتحديث تكنولوجيا الإنتاج السلعى والخدمى، وتنمية مجال ريادة الأعمال ودعم أنشطته، وتوجيه الإنفاق الاستثمارى إلى الصناعات كثيفة المعرفة ذات القيمة المضافة العالية. ومن المؤكد أن يكون لهذه الحزمة المتكاملة من سياسات الاقتصاد المعرفى انعكاسات متسعة النطاق على هيكل ومعدلات أداء أسواق العمل.



مكانة مصر... والصناعات الإبداعية والثقافية

«الصناعات الإبداعية والثقافية» تعد من أهم عناصر «القوى الناعمة» المصرية، ومن ثم فإنها إحدى ضروريات تعزيز «مكانة مصر» وعودة دورها الإقليمى المؤثر.

الأول بدعم رأس المال البشرى «المبدع» المنتج لهذه النوعية من السلع والخدمات. ويعتمد البعد الثانى على البناء على خصائص المنتجات الإبداعية والثقافية، وسماتها المميزة، والأساليب المثلى لإنتاجها، والسياسات الأفضل لتسويقها، أما البعد الثالث فيرتبط بحجم المخصصات الاستثمارية المطلوبة لتنمية أصولها الطبيعية الملموسة (من معدات وآلات ومبانٍ) وأصولها غير الملموسة (من أصول ابتكارية، ونظم حاسب، وبحث وتطوير).

ويتطلب البعد الأول إعادة صياغة دور الدولة فى رعاية ودعم المواهب الشابة فى مجال إنتاج السلع والخدمات الإبداعية والثقافية، سواء من خلال صياغة القوانين المنظمة، أو تخصيص الدعم المالى المناسب لهذا الغرض. كما يكون مرغوب تبنى سياسات من شأنها التوسع فى إنشاء أكاديميات للفنون والآداب، ومعاهد متخصصة فى مجالات الإنتاج الثقافى، والمراكز التدريبية الداعمة للابتكار والإبداع المجتمعى. ويرتبط بذلك صياغة قوانين حاكمة لحماية الملكية الفكرية، والحفاظ على تراث مصر الإبداعى.

أما البعد الثانى فيختص بتطوير منظومة متكاملة لدعم إنتاج وتسويق وتصدير الصناعات الإبداعية والثقافية، أخذا فى الاعتبار بطبيعتها الخاصة وسماتها المغايرة. إذ إن الصناعات الإبداعية والثقافية تنتج نوعية من السلع أو الخدمات الرمزية مثل الأفكار والتجارب والصور، وتعتمد قيمة المنتج فى هذه السلع والخدمات الرمزية على فك المستهلك النهائى (المشاهد، المستمع، أو المستخدم) للشفرة أو الفكرة أو المعنى المتضمن فى المنتج.

 الصناعات الإبداعية والثقافية تُعد عنصرًا مهمًا ومؤثرًا فى تعزيز مكانة مصر وعودة دورها الإقليمى. بيد أن تحقيق هذا الهدف، يتطلب زيادةالاستثمار فى رأس المال البشرى «المبدع»، وتخصيص استثمارات إضافية فى مجال «الأصول غير الملموسة»، وصياغة خطط استراتيجية متوسطة وطويلة الأجل لتنمية الصناعات الإبداعية والثقافية، وفق أولويات ترتبط بالتميز النسبى لمصر فى محيطها العربى والمتوسطى والإسلامى.

++++++++

مكانة مصر.. والقوى الناعمة


 قوى الإبداع والتأثير الثقافى المصرى قد تراجعت بشكل ملحوظ خلال نهاية القرن الماضى، ومنذ بداية الألفية الثالثة. إذ يطرح الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة – فى مقالة بالأهرام فى الثانى من شهر أغسطس الحالى- رؤية مفادها أن «حالة الإبداع فى مصر تحتاج إلى صحوة... إلى شىء يهزها بعنف.. إن الإبداع المصرى يمر بأزمة شديدة منذ سنوات، ولا أحد يبحث أسباب ذلك». ويضيف: «إن ما نطلق عليه القوى الناعمة قد انسحبت من الساحة تمامًا... حيث ظهرت شواهد كثيرة تؤكد أن الإبداع المصرى يعانى محنة خطيرة فى القيمة والمستوى ودرجة التأثير فى محيطنا العربى».

++++++++++++

مستقبل مجتمعات المعرفة «واستراتيجية مصر للتنمية»


منذ بزوغ فجر الثورة الصناعية الرابعة، يسعى العديد من المؤسسات البحثية ومنظمات الأمم المتحدة المتخصصة إلى دراسة انعكاساتها العلمية والتكنولوجـية على مستقبل مجتمعات المعرفة واقتصادها، وتقييم تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية. إذ توقع معظم المهتمين بعلوم المستقبل أن الثورة الصناعية الرابعة المعتمدة على تكنولوجيا المعلومات والحاسبات الذكية وتطبيقات علوم الحياة، سيكون لها تأثيرات متسعة ومتعددة الأبعاد على مسار متغيرات عصر المعرفة الذى نشهده فى الوقت الراهن. وبرغم أن العديد من الدول النامية ما زالت تسعى للحاق بمجتمعات المعرفة ومواكبة السمات المميزة لاقتصادها بُغية تحقيق أهداف التنمية المستدامة، جاءت التكنولوجيا الحاكمة للثورة الصناعية الرابعة بمعطيات جديدة تتطلب إعادة النظر فى التوجهات المعرفية والتكنولوجية للدول. وفى ظل هذه التحولات السريعة فى العلوم والتكنولوجيا، أصبحنا نعيش فى عصر يتسم بتعاظم التحديات وتعدد الفرص المتاحة على كافة الأصعدة.



المخطط الاستراتيجـى بالدول النامية مع مناخ متعدد الأبعاد، يختص البعد الأول باستكمال السياسات التى من شأنها التحول إلى مجتمع المعرفة، ويسعى البعد الثانى إلى مواكبة التكنولوجـيات الذكية للثورة الصناعية الرابعة، ويرتكز البعد الثالث على المواءمة مع المتغيرات الأقتصادية الجديدة، والتطور فى سياسات أسواق العمل، والنقلة التكنولوجـية فى سلم الجدارات والمهارات، على أن يتم ذلك فى ظل سياسات مكثفة رامية لدعم البحث والتطوير والابتكار وزيادة الاستثمار فى المعرفة.



إذ بات من الضرورى أن يصحب التحول إلى اقتصاد ومجتمع المعرفة تغير فى حزمة السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسية نحو دعم الإبداع والابتكار وثقافتهما، وتكثيف الاستثمار فى البحث العلمى، وتخصيص موارد مالية كافية لإنتاج السلع والخدمات الإبداعية والثقافية، والاستثمار فى الصناعات كثيفة المعرفة المولِدة لقيمة مضافة عالية، وتبنى سياسات رامية إلى إتاحة فرص التعلُم مدى الحياة وبناء القدرات والمهارات.


فى حين نتج عن الثورة الصناعية الرابعة متغيرات تكنولوجية وعلمية مغايرة تعتمد بالأساس على الاقتصاد الرقمى والتطبيقات الذكية، وتلاقى أو تقارب الإبداع والابتكار من خلال مجموعة متكاملة ومتسقة من التكنولوجيات الحديثة المترابطة مثل إنترنت الأشياء، والحسابات السحابية، وتحليل البيانات الكبيرة، والذكاء الاصطناعى، والروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد، بما يساهم فى خلق بيئة متكاملة لاستغلال وتعزيز هذه التكنولوجيات ودعمها لبعضها البعض، وخلق فرص وتحديات غير مسبوقة لقطاع الأعمال، والحكومات والمجتمع ككُل.

وتكمُن خطورة هذه التغيرات العلمية والتكنولوجية فى تزايد «الفجوة المعرفية» بين الدول المتقدمة تقنيًا ومعرفيًا والدول التى مازالت فى طريق التحول المعرفى، وبحيث تفيد الدراسات المستقبلية إلى أن التأثير السالب على مستقبل الإنسان ومستويات رفاهيته، سيعتمد بشكل كبير على حجم «الفجوة المعرفية» أكثر من «فجوة الدخل» أو «الفجوة الرقمية» بين الدول المتقدمة والدول النامية، حيث إن تزايد هذه الفجوة المعرفية سيكون له ضرر كبير على كل من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، وبما يتطلب جهودًا دولية وتعاونا على المستوى العالمى من أجل التصدى لآثارها من أجل مستقبل أفضل للإنسان.


فى ظل المعطيات السابقة، يسعى عدد من الدراسات التى تقوم بها منظمات الأمم المتحدة المتخصصة بدعم من مراكز الأبحاث المستقبلية، إلى صياغة مؤشرات تحليلية مركبة تسمح بقياس مدى استعداد الدول وقدرتها المزدوجة على مواكبة عصرى المعرفة وثورة التكنولوجـيا الصناعية الرابعة والتفاعل مع وخصائصهما العلمية والتكنولوجـية، وانعكاساتهما التنموية.



وبما أن وثيقة مصر للتنمية المستدامة (2030) قد أكدت على تناغم منظومة البحث والتطوير والابتكار والتنمية المعرفية مع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لاستراتيجية التنمية طويلة الأجل، وبحيث تمثل مصر بحلول عام (2030) مجتمعًا واقتصادًا معرفيًا يتواءم مع معطيات الألفية الثالثة. فهل تراجع وزارة التخطيط والإصلاح الإدارى وثيقة مصر للتنمية المستدامة فى ظل هذة المتغيرات العلمية والتكنولوجـية الحديثة والتحسب لتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية؟، وهل تسعى الوزارة إلى إعادة النظر فى مؤشراتها العلمية والتكنولوجـية والتعليمية والتنموية؟.

222222222222

+++++++++++++++++++++++++

نحن والثورة الصناعية الرابعة

من اخبار الخليج 2019

في عام 2016 أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، اسم «الثورة الصناعية الرابعةThe Fourth Industrial Revolution» على الحلقة الأخيرة من سلسلة الثورات الصناعية. واعتبرها أنها قيد الانطلاق حاليًا.
وأكد المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى كلاوس شواب «إن حجم التحوُّل ونطاقه وتعقيداته، سيكون مختلفًا عما شهدته البشرية من قبل».
يعني ذلك أننا أمام تغيرات هيكلية في الاقتصاد العالمي وخاصة في أنماط الإنتاج والتوزيع والدخل. وتوقع اقتصاديون أن تخلق هذه الثورة اقتصادات جديدة، تتغير فيها أساليب وطرق ممارسة الأعمال.

وستصبح التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا وحتى من أجسامنا البشرية، حركتنا سترتبط بالكامل بالشبكة الإلكترونية وتكنولوجيا الفضاء الخارجي، وسينتقل الجيل القادم إلى العيش في مدن ذكية smart city يديرها ذكاء اصطناعي وبتقنية جديدة عالية الجودة. وحسب دراسة لمعهد ماكينزي العالمي فإن أكثر 600 مدينة ذكية في العالم تطورًا ستكون مولدة لحوالي 60% من النمو الاقتصادي الدولي خلال العقد القادم.

لعالم يتقدم ويتطور وينتقل من ثورة علمية إلى ثورة تكنولوجية وإلى ثورة اقتصادية ويفرض علينا ثوراته واختراعاته ونظرياته التي أصبحت الموجه والمقرر لنمط حياتنا الاجتماعية والاقتصادية. فقد أصبحنا مجتمعا يمتهن مهنة الاستقبال والتقليد الأعمى في الاستهلاك والإنتاج والاتكال على ما ينجزه العالم الآخر من ابتكار واختراع وإنتاج.

ففي كل ثورة وتقدم يبقى دورنا ينحصر في الاستيراد والانتظار لنرى كيف تنقلنا اختراعاتهم وإبداعاتهم ومنتجاتهم من سلع وخدمات إلى عالم ونظام جديد نمتثل فيه إلى التعليمات والإرشادات المرفقة في كل منتج نستورده أو اختراع نقوم بشرائه.

في الثورة الصناعية الأولى تحوُّل العالم من الاعتماد الكبير على طاقة الحيوانات والجهد العضلي للبشر، إلى استخدام الطاقة الميكانيكية والوقود الأحفوري كالفحم الحجري. وبدأت الآلات التي تعمل بالبخار تحل محل اليد العاملة. وبالطبع امتثلنا لهذا التطور بكل شوق وإعجاب.
وفي الثورة الصناعية الثانية أواخر القرن التاسع عشر والذي كان حافزها اختراع الكهرباء والهاتف والإنتاج الشامل الذي فتح المجال أمام اكتشافات واختراعات عديدة مثل السيارات والطائرات والنفط وظهر ما يعرف بالمجتمع الاستهلاكي. وكما فعلنا خلال حقبة الثورة الأولى استوردنا هذه الاختراعات وبفضلها تطورنا وارتقينا إلى حياة أفضل.

وفي الثورة الصناعية الثالثة في النصف الثاني من القرن العشرين جاء دور الرقمنة والإنترنت وبرمجة الآلات والكمبيوتر، وكل هذه الاختراعات أحدثت ثورةً هائلة في كل أنحاء العالم في الاتصالات وتخزين المعلومات ومعالجتها.

تجاوبنا مع هذه الثورة ومتغيراتها بشكل لم يسبق له مثيل فهجرنا الأرياف إلى المدن كما هجرنا الوظائف والقطاعات التقليدية كالزراعة والبناء وصيد السمك، وذهب البعض بأمواله وثرواته يبحث عن حياة أفضل في المجتمعات المتقدمة.

هل نحن مهيئين للثورة الصناعية الرابعة؟ ماذا سنفعل لمواكبتها؟ وأين موقعنا في هذه الثورة؟ هل سيقتصر دورنا على الاستيراد والاستهلاك والإشادة بالتطور العلمي في العالم كما كنا نعمل في الثورات السابقة؟ أم أننا سنتغير ونتطور ونخترع ونبدع كما تطورت وأبدعت المجتمعات الأخرى؟

نظامنا التعليمي ومناهجنا الدراسية وجامعاتنا ومعاهدنا مطالبة بالإجابة عن كل هذا التساؤلات؟

د. جعفر الصايغ ++++و د. هدى المحمود- ندوة " العدالة الإجتماعية في ابعادها الإقتصادية والإجتماعية"


الاغنياء يزيدوا والفقراء يزدادوا فقر
ليس من مصلحة الرأسمالية العدالة

د. هدى المحمود سبنسير عاشر دارون 

اخترع نظرية لا الدولة ولا مالكي الاموال ملزمين بالناس
الليبرالية الجديدة ونيو ليبرالية تركز ان ذنب الفقراء انهم بهذه الاوضاع فالفقير مسؤل عن فقره والمريض عن مرضه 
عدالة اجتماعية نسبية علي الاقل لسلم الاهلي
من يملكون ولا يملكون في كل المجتمعات قلة واغلبية في احسن المجتمعات
فقر وتميز وبطالة يهدود سلم الدولة تمرد 

فيه ازمة اخلاقية مؤدية لاخلاقية 
الاقتصاد هو محرك اي تغير اجابي وسلبي بالمجتمع الكل مقر ذلك ولا تحسن اجتماعي ولا سياسي
العالم كله يغطي علي الاختلالات الاقتصادية لانها ضد الاستقرار ومصالح الناس

العولمة تهدف لارباح الاغنياء علي حساب الفقراء معروفة 

اتفاقيات التجارة العالمية شروطها الشفافية 
علي اساس تخدم مصالحهم والارباح 

الكل يسعي لتمدد الطبقة المتوسطة كصمام استقرار للمجتمع 

الاحسن من الاعلام الرسمي او الخاص ان الفيس ويوتيوب سمح بظهور ابداعات جديدة 

مشكلة فلسفة سبينسر ++++++

حقيقة القطاع الخاص انه كله بيربح من تجارة ثلاجات او شبسي او غير 
بيودا فلوسهم بره ليحموها مع ان الناس الموجودة اساس الارباح 

دعم الاقتصاد والقانون 


د. جعفر الصايغ


العدالة اعطاء كل ذي حق حقه 
فرص الوظيفة 

اختلف المفكرين كيف تحقيق المساواة بالاشتراكية ام الراسمالية الحرية ام الاثنين

عدالة الغرب النسبي علي الاقل حافظت علي استمراره غيرنا كدول عربية

لا بد من نجاح الشركات او السياسة الاقتصادية تفاعل المجتمع معها وشعروا انها تلبي احتياجاته 
توزيع عادل وتكافو فرص 

ميكروسوفت احتكار النظام العالمي 

جزيرة اغنياء بحار فقراء

الدول الصناعية 97 بالميه 
الشركات الدولي تملك 90 بالميه انتاج وتسويق 

+++++++++++++++++++++++++++++
الثورة الصناعية الجديدة 
الدولار وسوق السوداء واحتياطي نقد اجنبي 
الانتقال من الاقتصاد الريعي الي الانتاجي
الريعي هو اقتصاد الخدمات والسياحة والمقاولات وعوائد القناة ولكن بجور ذلك الانتاج لدولة 
التصنيع الاثاث دمياط وحلم السيتنات تصنيع من الابرة لصاروخ والحلم توقف بسبب حرب اليمين و هزيمة 1967 ثم جاء السادات وبوظ الدنيا الراسمالية 
تحول مصر الي صين افريقا 
الصناعة هي الحل 

+++++++++++++++++

د. محمود العلايلى يكتب: الاستثمار فى الاستثمار

       ٢١/ ١٢/ ٢٠١٩

ويعتمد الاقتصاد المصرى على السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج كروافد لتدفق العملة الأجنبية، وهى بالطبع قطاعات لا تكفى لتعافى الاقتصاد، كما أنه لا يمكننا تركيز الاستثمار فى الأوراق المالية وأدوات الدين بشكل مبالغ فيه، ولكن علينا بالتوجه للاستثمار المباشر سواء كان محليا أو أجنبيا، وهنا يأتى دور الدولة المفهوم والمطلوب بخلق بيئة جاذبة لهذه الاستثمارات لقطاع الصناعة، ومحاولة إعطاء امتيازات ومحفزات لدفع هذه الصناعات لتقوم على أساس التصدير، مما يساعد على تدوير عجلة الاقتصاد بشكل سليم وفى اتجاه محدد، والأهم توجيه المجتمع ليصبح مجتمعا صناعيا بأفكاره وأسلوب حياته، مما يؤدى إلى تحسين الخدمات العامة والارتفاع بمستوى معيشة الفرد.

ولكى نرتقى بقطاع الصناعة يجب أن يكون لدينا رقم مستهدف للتصدير فى فترة زمنية محددة، على أساس القدرات التصنيعية المتوافرة، ثم على أساس القدرات التصنيعية المستهدف توفيرها، مع فتح أسواق جديدة مناسبة للمنتج المصرى، حيث تصدر مصر حاليا بما يقل عن ٣٠مليار دولار سنويا وهو ما يعنى أن نصيب الفرد من التصدير أقل من ٣٠٠ دولار، وهو رقم ضئيل جدا بالنسبة لتطلعات رؤية ٢٠٣٠ والأهم أن الرقم يتحرك صعودا ببطء شديد فى قطاع الصناعة بينما يسجل صعوده فى مجالات النفط والمواد الخام والصناعات الملوثة وبعض الخضر والفاكهة، ولبيان ضآلة رقم نصيب الفرد من التصدير بالمقارنة العشوائية مع بعض الدول الصناعية نجد أن الأرقام تقريبا فى تايوان ١٥.٢٠٠ وماليزيا ٧.٦٠٠ وكوريا ١١.٥٠٠ وهولاندا ٣٢.٦٠٠ وفيتنام ١.٥٠٠ وألمانيا ١٨.٥٠٠ دولار سنويا على التوالى.

إن الاستثمار لا يجب أن يكون استثمارا للموارد فقط، ولكن الاستثمار فى الفرص أيضا، فلقد أدى الظرف السياسى والاقتصادى إلى فرز مجموعة من السياسيين القادرين على اتخاذ القرارات الصعبة وتنفيذها، مما أدى إلى ثقة المؤسسات الدولية فى الإدارة المصرية، وانعكاس ذلك فى استكمال التعاون فى عدة مجالات، وهؤلاء هم الساسة الذين يجب استثمار توجهاتهم وتفعيلها، كما أدت متطلبات الإصلاح الاقتصادى لإقصاء مجموعة من الاقتصاديين زالت دولتهم وانقضت أفكارهم، وبرزت مجموعة من الاقتصاديين لديهم القدرة على فهم الواقع واستشراف المستقبل، وهم مجموعة من الأولى الاستثمار فيهم وبهم، وكما أدت هذه الخطوات إلى موجات من الغلاء استطاع المواطن المصرى تحملها بل وتجاوزها، فإن هذا هو المواطن الذى يجب استثمار قدراته وتوجيهها، وعدم الوقوع فى خطأ التعميم باتهامه بالكسل والتواكل، لأنه بتحمله أدى إلى نتائج إيجابية بزيادة معدل النمو السنوى، بالإضافة إلى انخفاض التضخم والبطالة وعجز الموازنة.

ومن أهم ملامح المرحلة التى يجب الوقوف عندها وتقييمها أن دور الدولة لم يقتصر فقط على إدارة الاقتصاد بل امتد بالمشاركة والمنافسة الفعلية فيه، مما أدى إلى تقليص دور القطاع الخاص فى العديد من المجالات، ولذا فقد جاء أوان استثمار خبرات تلك الفترة وتقييم إيجابياتها وسلبياتها للبدء فى تحديد دور أوضح للدولة، والتخطيط لانسحابها- بشكل ممنهج- من القطاعات التى دخلتها تحت ضغط الظرف السياسى، وذلك لصالح المناخ الاستثمارى المحلى والأجنبى على السواء، الذى يتطلع لاستبيان حدود انتهاء دور الدولة وحدود ابتداء دور القطاع الخاص.

++++++++++++++++++++

مستقبل التنمية فى مصر.. «الإصلاح الاقتصادى»

  بقلم   د. معتز خورشيد    ٢/ ١/ ٢٠٢٠

الاستثمار في الأصول غير الملموسة «وتنمية الاقتصاد المصري»

13/8/2020

 الاستثمار فى الأصول الثابتة أو الطبيعية (Fixed or physical Assets) المُتمثلة فى الأراضى، والمبانى، والأجهزة، والماكينات، التى تؤدى إلى زيادة الطاقة الإنتاجية من السلع والخدمات، ومن ثم المساهمة فى نمو الناتج المحلى الإجمالى، وتوفير بدائل الاستهلاك الخاص والعام. بَيْد أن النظم الاقتصادية فى عصر المعرفة الراهن بالألفية الثالثة تعتمد بالمثل على نوعية أُخرى من الاستثمار الموجه إلى «الأصول غير الملموسة» (Intangible Assets)، التى توجه بالأساس إلى الارتقاء بإنتاجية عناصر عملية إنتاج السلع والخدمات.

إذ يتسم العصر المعرفى واقتصاده بالألفية الثالثة، وثورة التكنولوجيات الذكية (المُمثلة للثورة الصناعية الرابعة) بتزايد معدلات الاستثمار فى «الأصول غير الملموسة» بالمقارنة بالأصول الطبيعية أو الثابتة. وحيث إن الأصول غير الملموسة تمثل القوى الدافعة لزيادة «المخزون المعرفى» وتعظيم معدلات الاستفادة من تطبيقاته، فإنها تُعد عنصرًا مهمًا لحدوث الابتكار وتأكيد مردوده الاقتصادى. أى أن الابتكار المعتمد على زيادة الاستثمار فى الأصول غير الملموسة يساهم فى زيادة كفاءة عناصر الإنتاج، ومن ثم الإسراع بمعدلات النمو الاقتصادى، ودعم التنمية المستدامة بوجه عام.

 الدول المتقدمة فى مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، ذات الإنجاز المتميز فى مجال التنمية الاقتصادية (مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، والسويد، وسويسرا، وفنلندا). أن الاستثمار فى الأصول غير الملموسة يمثل نحو (40%) إلى (50%) من جملة الاستثمارات. وهو ما يُؤثر فى هيكل تخصيص الاستثمارات بوجه عام.

 الأصول غير الملموسة إلى ثلاث مجموعات، تختص الأولى «بالأصول المعلوماتية» (Information Assets) التى تتضمن برمجيات الحاسب الآلى (Computer Software)، وقواعد البيانات (Databases)، وتطبيقات الشبكة العنكبوتية (Internet Applications)، وتعتمد المجموعة الثانية على «الملكية الابتكارية» (Innovative property) التى تشمل البحث العلمى والتطوير، وتكلفة ترخيص الاستخدام، وحقوق الطباعة والنشر، والملكية الفكرية، والتصاميم الصناعية، وتطوير المنتجات، فى حين ترتبط المجموعة الثالثة «بالجدارات الاقتصادية» (Economic Competences) التى تشمل تنمية رأس المال البشرى (تكلفة التدريب وإعادة التأهيل وبرامج التعلُّم مدى الحياة)، ودراسات السوق، وتطوير العلامات التجارية، والاستثمار فى الهيكل التنظيمى للمؤسسات، ودراسات الدعاية والإعلان، والمنتجات الثقافية والإبداعية. والجدير بالذكر أن الصناعات الإبداعية والثقافية تُمثل أحد مصادر القوى الناعمة المصرية المعتمدة على توافر رأسمال بشرى «مبدع»، وقادر على إنتاج سلع وخدمات رمزية، مثل الأفكار والرؤى والتجارب والصور والموسيقى والثقافة، حيث تعتمد قيمة المنتج فى هذه السلع والخدمات الرمزية على فك المستهلك النهائى (المشاهد، المستمع، أو المستخدم) للشفرة أو الفكرة أو المعنى المتضمن فى المنتج الثقافى والإبداعى.

ويوضح الوزن النسبى للإنفاق الاستثمارى فى الأصول غير الملموسة بالمملكة المتحدة فى الحقبة الثانية من الألفية الثالثة على سبيل المثال، أن الاستثمار فى رأس المال البشرى (التدريب والتعليم واكتساب المهارات) يحتل المرتبة الأولى، يليه الإنفاق الاستثمارى على رأس المال التنظيمى، ثم الإنفاق على البرمجيات وقواعد المعلومات، فى حين يحتل حجم الإنفاق على البحث والتطوير المرتبة الرابعة من جملة الاستثمار فى الأصول غير الملموسة. ومن ثَم فإن الإنفاق على البحث والتطوير يتعين أن يواكبه إنفاق استثمارى مماثل فى باقى الأصول غير الملموسة، من أجل الانتقال لمرحلة الابتكار، ومن ثم الإسراع بوتيرة النمو الاقتصادى، والمساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة.

 وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هذه التوجهات الحديثة ضمن أولوياتها عند تخصيص استثمارات خطط مصر متوسطة وطويلة الأجل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؟

*

العدالة الاجتماعية فى التعليم العالى

 مبدأ «مجانية التعليم» لا يُعد شرطًا كافيًا لتحقيق عدالة التعليم العالى وتكافؤ فرص الالتحاق به، نظرًا لتأثر معدلات إتاحته وعدالة الاستفادة بخدماته والمشاركة فى أنشطته، بمتغيرات مثل مستوى دخل الأسرة، والازدواجية بين المناطق الحضرية والريفية، والتباين بين مشاركة الذكور والإناث.

وتُعرف العدالة الاجتماعية فى التعليم العالى «بتكافؤ فرص إتاحة التعليم العالى والمشاركة فى برامجه وفعالياته التنموية، والتوزيع العادل لخدماته الأكاديمية والبحثية على الشرائح الطلابية دون تفرقة، وإزالة القيود التى تعوق إدماج الفئات المجتمعية المُستبعَدَة تقليديًا من الالتحاق بمؤسساته بفعل الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعاقة البدنية أو الذهنية، أو الجنس أو اللون، أو الديانة، أو الانتماء السياسى، أو البُعد الجغرافى».

المُلاحظ أن قضية تكافؤ فرص إتاحة التعليم العالى تحظى باهتمام على مستوى الدول النامية والدول المتقدمة على حد سواء، ليس فقط كأحد الحقوق التأسيسية التى تؤكد عليها قرارات الأمم المتحدة ومعظم دساتير الدول، بل أيضًا كمتطلب رئيسى لتحقيق العدالة الاجتماعية. والملاحظ أيضًا أن تحقيق تكافؤ الفرص من خلال التوسع فى خدمات التعليم العالى يُسهم فى زيادة حجم «العمالة المعرفية» الأكثر تعلمًا واكتسابًا للمهارات الذهنية والجدارات المهنية، بصفتها إحدى خصائص الثورة المعرفية بالألفية الثالثة. إذ تُقدم فرنسا على سبيل المثال خدمات التعليم العالى برسوم جامعية رمزية للدارسين دون تفرقة، وينطبق ذلك التوجه على كل من الطلاب الوطنيين والأجانب على حد سواء. كما تتبع ألمانيا سياسات مماثلة من أجل تحقيق ديمقراطية وعدالة التعليم بها. وتضمن حكومة فنلندا تكافؤ فرص تقديم التعليم العالى بدون مقابل مادى حتى مرحلة الدكتوراه.

ويُعد «التعليم عن بُعد» من أهم النماذج التعليمية الرامية إلى التغلب على عائِقى «المسافة والزمن» فى تقديم الخدمة التعليمية، من خلال نقل برنامج تعليمى من موضعه فى حرم مؤسسة تعليمية ما، إلى المُتعلم فى أماكن متفرقة جغرافيًا. ومن ثَمّ فإنه يهدف إلى جذب طلاب لا يستطيعون تحت الظروف العادية الاستمرار فى برنامج تعليمى تقليدى بانتظام.

يرتبط البعد الاجتماعى للتعليم بالتوجه الاستراتيچى «للتعلم مدى الحياة» (Life-long-learning) الذى يُمثل كل أنشطة التدريس والتدريب وإعادة التأهيل التى تَستمر مدى الحياة بهدف تعزيز القدرات المعرفية والجدارات المهنية على مستوى شخصى أو مجتمعى أو مهنى. ومن ثمّ فإنه يُعد ضرورة يفرضها عصر المعرفة وما يتسم به من تغيرات سريعة فى مجال العلوم والتكنولوجيا والتنمية بوجه عام. ويحظى توجه التعلم مدى الحياة باهتمام بالغ على مستوى الدول المتقدمة معرفيًا. إذ تَفرض المنظومة التعليمية بالاتحاد الأوروبى على دولها إعداد خطط وطنية للتعلم مدى الحياة فى إطار استراتيچى إقليمى للتعلم مدى الحياة، تم إعداده من قبل دولة فنلندا.

يُعد «التعليم المفتوح» أحد النماذج التعليمية الداعمة لاستدامة العملية التعليمية. إذ يُقدم التعليم المفتوح إطارًا مؤسسيًا يسمح بتنظيم العملية التعليمية والتدريبية للراغب فى التعلم بصرف النظر عن عمره وقدرته على الانتظام فى الدراسة. أى أن الدارس الذى لم يتمكن من الالتحاق بالتعليم النظامى نظرًا لظروفه الاقتصادية والاجتماعية، يمكنه استكمال دراسته دونما الحاجة إلى الانتظام بشكل يومى فى المؤسسة التعليمية.


*
May 7, 2021

فلسفة وجود الجامعات وسياسات التعليم العالي

الصور المُتَخَيلة هو ما يقع فى وجدان أولياء الأمور والتلاميذ، فهم يرون خريج التعليم العالى ذا مكانة اجتماعية أفضل، وأن شهادته تؤهل حاملها لهذه المكانة، ويرون التعليم العالى أرقى من أنواع التعليم الأخرى، بل إن هناك تقسيمًا نفسيًا داخله، فيرون خريج الجامعة أرقى من خريج المعهد، وأن خريج المعهد أرقى من خريج التعليم الفنى.. وهكذا.

ترى هذه الأسر أن الدولة عبر تاريخها الحديث تتطلب شهادة التعليم العالى للتعيين فى وظائفها المهمة، وأن هذا التعليم يؤهل طلابه لشغل الوظائف، خاصة إذا كانت شهادات تعليم عالٍ ممتاز، الذى تمثله كليات القمة كما سماها المجتمع.. أو أن الشهادة فى حد ذاتها جواز مرور اجتماعى بغض النظر عن المعرفة أو المهارات التى من الواجب اكتسابها من هذا التعليم. ولا أستطيع أن أنكر هذه الصور فى أذهان أصحابها، لأنها مستمدة من الواقع الذى يعيشون فيه، وتجاربهم المتكررة خلاله.

البعض يظن أن التعليم عليه أن يوفّى احتياجات السوق الوقتية، وهو تصور قاصر ضيق الأفق، لأن التعليم العالى له منافع أخرى متعددة، تتجمع فى كونه قاطرة التنمية فى أى مجتمع.. فهو تعليم لا يأتى كرد فعل لحالة سوق العمل، أو نسب البطالة، أو حال مهنة من المهن فى وقت بعينه.. ولكنه هذا النوع من التعليم الذى يرسم ملامح المستقبل، ويبنى البشر القادرين على صنع التنمية وليس ملء فراغ الاحتياجات.. كما يبنى الإنسان صانع الفرصة ومحققها وليس فقط المستفيد منها.

 هل الجامعات مجرد مقدمى خدمة تعليمية أم أنها بناة حداثة وصُناع حضارة؟!.

 بخصوص النظام الاجتماعى، فإن الجامعة تساعد المجتمع كى يكون «مجتمعًا متناسقًا» تتبادل فيه المجموعات المختلفة المراجع وتجعل من العلم والمعرفة والمهارات الفنية أمرًا ملائمًا ومناسبًا. وهذا يتطلب وضع المهارات ومجالات المعرفة المتصلة بالتكامل المدنى واستخدامها فى التدريس وتكييفها مع الاحتياجات الاجتماعية الحالية. وكذلك يحدد التعليم العالى «مؤهلات» الأشخاص، وتصبح شهادات التعليم العالى والدراسات العليا بأنواعها المختلفة جواز مرور هؤلاء إلى المناصب المرموقة ذات الرواتب المناسبة الموجودة على درجات السلم الاجتماعى المختلفة، فالجامعات أهم مصدر لتنظيم المؤهلات العليا.

الجامعة لا يتكون فيها العالم وحده، وإنما يتكون فيها الرجل المثقف المتحضر الذى لا يكفيه أن يكون مثقفًا، بل يعنيه أن يكون مَصدرًا للثقافة، ولا يكفيه أن يكون متحضرًا، بل يعنيه أن يكون منميًا للحضارة، فإذا قصرت الجامعة فى تحقيق خصلة من هاتين الخصلتين، فليست خليقة أن تكون جامعة، وإنما هى مدرسة متواضعة من المدارس المتواضعة، وما أكثرها!، وليست خليقة أن تكون مشرق النور للوطن الذى تقوم فيه، والإنسانية التى تعمل لها، وإنما هى مصنع من المصانع، يعد للإنسانية طائفة من رجال العمل، محدودة آمالهم، محدودة قدرتهم على الخير والإصلاح».

حسام بدراوي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق