الاثنين، 7 فبراير 2022

لم تُوحِّد قضية عالماً ملؤه الحروب والنزاعات والأحقاد، مثلما وحَّدته قضية ريان

 . نسي الجزائريون والمغاربة النزاعات السياسية، وبكوا جميعاً ريان. ردد الفلسطينيون والإسرائيليون أدعية إسلامية ويهودية. ولم يلتئم اليمين واليسار في أميركا على قضية واحدة في السنوات الأخيرة، مثلما فعلا في الدعاء لإنقاذ ريان.

ريان وحَّد العالم، وأظهر الشعور الإنساني القوي لدى الكل. غير أني أظن أنه يجب ألا يُحوَّل إلى معجزة! هو فقط طفل بريء، ربما كان يلعب ويركض بكل عفوية على هضاب منطقة الريف المغربي، قبل أن يفاجأ بسقوط من على علو 32 متراً في بئر شديدة الضيق على المستويات السفلى.

عدم تحويل الحدث إلى مناسبة للتفرج على مآسي الغير.

انتهازية، من أجل تمرير رسائل سياسية، أو لتحقيق النجومية، أو لاصطياد الفرص للزيادة في عدد المُعجبين.

*

 2015 بصورة جثة الطفل آلان، الكردي السوري

أكدت مأساة ريان التأثير الهائل للإعلام بشاشاته ومواقعه وصحفه وتسابق الأخبار العاجلة كأنَّنا في خضم معركة كبرى. أكدت أيضاً قدرة الإعلام بسرعته وإبهاره على حشد رأي عام واسع وراء قضية. أظهرت أيضاً قدرة الإعلام على إلهاب المشاعر وإدخال تغيير سريع على أولويات الناس. وإذا كان هذا الدور مفيداً ونبيلاً في قصة إنسانية من هذا النوع، فلنا أن نتمعن في خطورته إذا استخدم الإعلام في إذكاء كراهيات عرقية أو قومية أو الترويج لسيناريوهات التضليل. تتيح الغابة الإعلامية حالياً فرصاً ذهبية للمشاعر المسمومة وللمعلومات المغلوطة وحملات التضليل المقصودة.

 أمواج التعاطف الإنساني الهائلة أن تنحسر بالسرعة التي اندلعت فيها. والحقيقة هي أنَّ أمواج التعاطف هذه لا تغير كثيراً في مسار البشرية. المستقبل تصنعه الاقتصادات والترسانات والمخططات والمناورات وعلاقات القوة التي لا تتوقف طويلاً عند وقوع الدول الصغيرة في آبار يتعذَّر عليها الخروج منها من دون اللجوء إلى مظلات الأقوياء ودفع الثمن من سيادتها وحقها في صوغ مستقبلها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق